للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ندوة حول العالم الإسلامي]

وبهذه المناسبة أقرأ لكم بعض ما وقع في ندوة كانت في الجزائر بعنوان (ندوة حول قضايا المستقبل الإسلامي) ولاشك أنه أمر يفرح ويسر أن تناقش قضية مستقبل العمل الإسلامي، ويعلم الله أنني فرحت وسررت أن هذه الأمور تناقش على مستوى الدعاة في مرحلة خطرة، وهم يرون الخطر يحدق بهم من كل مكان.

وكانت الندوة بعد محاضرة " العلمانية في طورها الجديد" بأكثر من شهرين، وسوف أنقل ما كتب عن هذه الندوة في جزيرة الشرق الأوسط العدد (١٩٤) تاريخ (٢٨/شوال) (٢٣/ ٥م) يقول صاحب المقال: 'في هذه الجلسة التي ترأسها الدكتور حسن عبد الله الترابي -ثم يستمر في الحديث ويقول:- أولاً الدكتور فتحي عثمان يتحدث عن التجربة الإسلامية المعاصرة، والخطة التي تراد لمستقبل الدعوة الإسلامية والعمل الإسلامي -ثم ذكر الدكتور فتحي عثمان كلاماً طويلاً.

وملخص مداخلته هو الدعوة المسددة لعقلنة المشروع السياسي للحركة الإسلامية -يريدون بـ العقلانية والعصرانية معانٍ أخرى لا تخفى عليكم- وجعله يسير في الأرض وإفادته من كافة التجارب الإنسانية، فلا تقول: إن منهج أهل السنة يفيد من دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط، لا، بل وتحقيق الاستفادة من شعبية الحركة وإيجابيتها والنضال السياسي -خاصة في قضية أفغانستان وانتفاضة فلسطين - إضافة إلى المرونة والمعاصرة التي أثبتها في مواقف كثيرة، ويعول الدكتور في نجاح خطته على ظروف الاستقرار الأيدلوجي التي تسود العالم بصفة عامة، والاتجاه إلى الواقعية والاعتدال في العالم العربي خاصة -إلى أن يقول:- وعلى الرغم من ذلك لا بد من التحذير من تجذر النزعة الصفوية التي تظهر بين الحين والحين' أي: التي يطالب بها الدعاة المخلصون للتمسك بالعلماء ومنهج أهل السنة.

يقول طارق البشري: 'فيما ذكره الدكتور فتحي عثمان هو التردي والتراجع للعلمانية والقومية، ومرد ذلك هو التأثر بالصراعات الدولية، وفي اعتقادي أن هناك تياراً اصطلح على تسميته بالعلمانيين الوطنيين، هذه المجموعة التي يجب أن نهتم بها ونتعاون ونتحاور معها، لأن العلمانيين فيما مضى وقعوا في أكبر أخطائهم وهي معاداة الحركة الإسلامية، وإنكار بعض الأمور الثابتة للمجتمع -مثل العقيدة- أما هؤلاء العلمانيون الوطنيون فإني أدعو إلى اقتراح السبل الكفيلة بهندسة الطريق، للاستمرار في مسيرتهم التي لا تضرنا كثيراً، وكذلك إخواني المفكرين'.

فهل لا حظتم من أين يأتينا الخلل؟ ففي الوقت الذي سفطت فيه الشعارات الزائفة كـ الاشتراكية والعلمانية، والشعوب بالملايين تتحرك في الساحة تنكرها، وتطالب بالإسلام مجرداً عن هذه الشعارات، وإذا بهم يقولون العلمانية الوطنية نأخذها، ثم من يحدد أن هذا علماني وطني، وهذا علماني أمريكاني؟! المهم تضييع بصيرة الصحوة في هذه المرحلة الحرجة.

ثم نذكر الشخص الثالث الدكتور: توفيق الشاص حيث يقول: 'أنا موافق على حديث الإخوة بضرورة تبني الأسلوب الفكري لتطبيق برنامج الحركة الإسلامية، بالرغم أنه يجوز لها أن تقاوم عدوان السلطة بالكيفية التي تراها، لكن ما دمنا نريد الحوار مع العلمانيين الوطنيين فلا بد من جهاز فكري يدير ذلك، وأؤيد بشدة اقتراح الدكتور القرضاوي لتكوين اتحاد للكتاب الإسلاميين لاستيعاب الطاقات الفكرية، ويمكن أن يكون الدكتور العوا هو المستشار الفكري على رأس اللجنة التي تعد لهذا الاتحاد ' من أجل ماذا؟ حتى يكون لدينا جهاز فكري للحوار مع العلمانيين الوطنيين؟! وهنا مثال آخر يقول صـ٤٩ـ ' كما تناول الفصل الثاني الشرارة الملتهبة باسم عقيدة السلف، وحتى يدرك المتاجرون بالاختلافات أن الاختلاف بالتوسل وفي المتشابه من آيات الصفات وغير ذلك لا يعد خروجاً على عقيدة أهل السنة والجماعة أو اختلافاً في الاعتقاد '.

ثم يقول صـ١١٢ـ: ' والاحتمال الرابع بخصوص الصفات هو تأويل هذه النصوص إلى المعاني التي تحتملها أوجه المجاز المعروفة في اللغة، وبالتالي أولوا اليد في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:١٠] بأنها القدرة، وقد استعمل لفظ اليد مجازاً عنها، وهذا التأويل سار عليه كثير من أهل السنة والجماعة، الذين أرادوا تنزيه الله عن مشابهة خلقه بتأويل هذه الألفاظ وفق معاني اللغة إلى المعاني المقبولة في استعمال الناس ومفاهيمهم وتصوراتهم عن صفات الله ' وكأن هذا الذي ينقصنا الآن القضايا المنتهية المفروغ منها.

ثم في صـ١٦٣ـ تكلم عن الشباب ونحن لا نبرئ الشباب، وأنا من فضل الله في محاضراتي أكثر ما أركز فيه -والحمد لله- على أخطائنا نحن شباب السنة، وهذا الذي يهمنا في الدرجة الأولى، وهذه الأخطاء موجودة عند من ينتسب إلى منهج السلف من الشباب، أما المنهج فهو معصوم لكن هو يقول: ' وهؤلاء يجعلون تمسكهم بالسنة العملية كالمحافظة على الصلاة في الجماعة، والمحافظة على السواك واللحية هي مقومات كونهم الفرقة الناجية، فهم على مثل ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه أما غيرهم فالنار مثواهم، ولقد تناسى هؤلاء أن ترك هذه السنة لا يترتب عليه دخول النار -ثم ذكر كلاماً إلى أن يقول:- ولقد نسي هؤلاء أن المقصود بالملل أو الفرق التي تفترق عن الإسلام -أي: الثلاثة والسبعين فرقة- هي التي ترتد إلى الكفر ' مثل البهائية والقاديانية، والنصيرية، والإسماعيلية، أما الشيعة، والمعتزلة، والرافضة، والصوفية، فهذه ليست داخلة، والكتاب هو: شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر، وهو رد على الأستاذ محمد قطب، والمشكلة هي تضليل المسيرة، فإما أن نتبع قول الله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣] فتكون النجاة والنصر، وإما أن نستمع لمن يريد أن يحرفنا عن هذه العقيدة مهما خالفها وإلا فمصيرنا إلى الانتكاسات التي جربناها وذقناها، ومع ذلك أنا أبشر الإخوة بأنه الصحوة في جملتها هي سنية سلفية -والحمد لله- وأنك لو نظرت وتأملت لرأيت العجب العجاب، حيث يأتينا طلبات ورسائل، بل وما نسمع وما نقرأ، أن الكل في الجزر البعيدة في أقاصي الدنيا، وفي العالم كله في أوروبا وأمريكا يطلب كتباً فتجد من جملتها الكتب السنية المحضة -والحمد لله- وإن طَلَبَ دعاة يطلب دعاة أهل السنة والحمد لله، فهناك في أصقاع نائية فما بالكم في أرض الإسلام والحمد لله.