للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم الغناء]

السؤال

ما حكم الغناء مع ذكر الدليل لتحريمه، وما هي الطريقة لاجتنابه بعد الانغماس فيه؟

الجواب

الغناء كلمة عامة نفصل فيها -إن شاء الله- بإيجاز: الغناء يطلق على شيئين يجب أن نفرق بينهما.

الأول: إنسان مع غنمه في الجبل أو متكئ في بيته، وأعجبته قصيدة ما فغنىَّ بها هذا يسمى غناء.

الثاني: مع موسيقى ورقص نساء أو رجال وفرقة يسمونها فرقة ترقص؛ هذه يسمونها أيضاً غناء.

ويأتي بعض العلماء أو بعض الناس، ويقول: العلماء اختلفوا في الغناء منهم من يقول: حلال، ومنهم من يقول: حرام.

الحقيقة أنهم لم يختلفوا لو تبينا ذلك، ولكن تكلم كل منهم في شيء، بعض العلماء من علماء المدينة في الصدر الأول قالوا: 'إن أهل المدينة يبيحون الغناء'.

كيف أهل المدينة يبيحون الغناء؟ الغناء ذاك الذي ليس فيه أي شيء، يحدث نافع عن عبد الله بن عمر 'لما كان ماشياً وجد راعياً معه قصبة يزمر فيها، فوضع ابن عمر إصبعه في أذنيه -سدها- يقول نافع: وأنا يومئذ صغير، فسألته فقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع الراعي فوضع يديه هكذا'.

فالغناء الذي فيه موسيقى وفيه آلات، وفيه معازف حرام، كما بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: {سيأتي على الناس زمان يستحلون فيه الحر والحرير والخمر والمعازف}، فهذا الغناء حرام، الزنا والحرير والخمر والمعازف والقمار هذه محرمات قطعية، ونافع يقول: ' وأنا يومئذ صغير ' يقول: أنا ما وضعت إصبعي في أذني لأني صغير لأنني لا أدري ولا أعرف الحكم، يعتذر أنه لم يسد أذنه عن سماع القصبة، قصبة الراعي.

فبالله لو رأوا الفرقة الموسيقية ورأوا الأفلام في الفيديو وفي التلفزيون، ورأوا الملايين التي تُبذر للمطربين والمطربات، هل يمكن أن يختلف العلماء؟ يقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [لقمان:٦] يقول عبد الله بن مسعود [[والله الذي لا إله غيره إنه الغناء]] يحلف ونؤثمه! بل صدق والله.

ويقول ابن عباس رضي الله عنه: [[الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع]] هذا الذي نراه، وقد ورد فيه من الزجر ما تقشعر منه الأبدان.

وأنا أحيل الإخوة وفيكم طلبة علم أحيلكم إلى كتاب وهو كتاب عظيم في هذا الباب وغيره، كتاب إغاثة اللهفان في هذا الباب، ذكر خمسين وجهاً في ضرر الغناء، وذكر من كلام السلف ما يعتبر به الإنسان.

وقد أباح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء في العرس الدف، وفرق بين الدف والطبل، ولكن متى؟ ليس في كل وقت، بل في الزواج فقط وماعدا ذلك فيحرم.

فلنتق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في أنفسنا، ولنتق الله في هذه الملاهي، والمعازف التي ألهتنا عن ذكر الله وشغلتنا عن طاعة الله، وأصبح العلماء لا يجدون لهم مكاناً في المجتمع، والفساق المغنون تعلق صورهم في أعلى الأماكن، كصور الملوك والأمراء، لماذا؟ لأنهم وجدوا شهوات الناس تحُب الغناء.

لو أنه قيل لنا: إن الشيخ ابن باز يأتي لهذه المنطقة -وإن شاء الله يأتي لهذه المنطقة- فإن كثيراً من الناس لن يفرحوا؛ كما لو قيل: المطرب الفلاني آتٍ إلى المنطقة، يأتون من كل مكان وليروه ولو استطاع النساء لأتين وخرجن ليروا هذا المطرب العظيم، لماذا؟ نحن أشهرنا وأعلينا الفساق وأظهرناهم، وجعلنا المتقين في الدرجة الأقل.

وكما تعلمون من واقعنا وبيئتنا أنها بيئة قبلية أصيلة، من أبناء الأسر الأصيلة، فأي شيخ قبيلة أو رجل محترم أو إنسان طيب يرضى أن يكون ابنه يضرب هذا الطبل أو يعمله؟ بالله هل يرضى أحد هذا الشيء؟ إخوانه سوف يتبرؤون منه وأرحامه وعمه وأبوه، فإذاً هذه مهنة حقيرة وضيعة، فإذا جاءت في التلفزيون ارتحنا؛ وقلنا هذا فنان عظيم، لماذا عظيم؟ لأنه بعيد، أما إذا كان قريباً لك، تقول: هذا خير فيه الطبال الزمار، الذي ما فيه خير لا نعرفه ولا يعرفنا، ولا يقرب لنا ولا نقرب له.

لا يا أخي! لا تنظر بميزانين، واجعل ميزانك واحداً، وهو ميزان الدين والشرع، وما وضعه الشرع ضعه، وما رفعه الشرع والدين فارفعه يرفعك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.