نرجو من فضيلتكم كلمة تنصح بها بعض الشباب الذين نزغ الشيطان بينهما حتى تباغضوا وتحاسدوا، وحتى أصبحوا يتنازعون على الجزئيات فتعطلوا بسبب ذلك عن الدعوة في سبيل الله، جزاكم الله خيراً؟
الجواب
أذكركم بأن هذه هي التي سماها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحالقة، فقال:{لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين} فالتفرق والبغضاء والشحناء نهى عنها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فقال:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[آل عمران:١٠٥]، فالتفرق يكون في الدين بالبدع، ويكون بالشحناء التي كانت غالباً ما تؤدي بأصحابها إلى البدع، حتى قال بعض السلف لما سئل ما الذي دفع أهل الأهواء من القدرية والمرجئة والرافضة إلى البدع؟ قال: الخصومات! فقد كانت البدعة فكرة يمكن أن يقولها الشخص ويمكن ألاَّ يقولها، لكن لما خاصمه فيها آخر اشتدت واشتدَّ، وأخذ يبحث عن أدلة وعن مؤيدين، فاشتد الآخر وأخذ يبحث عن أدلة ومؤيدين، فأصبح هذا على فرقة وهذا على فرقة، والأصل أنها كانت فكرة، أو كلمة عابرة كان يمكن أن توأد وتذهب، فاحذروا الخصومات، واحذروا الاختلاف.
وأقول لكم: لو أن شباب أهل السنة الذين يؤمنون بالكتاب والسنة، ولا يدعون إلا إلى الله وحده، ولا يهمهم إلا اتباع الحق وهدي السلف الصالح لو يتركون كل الخلافات والجزئيات وما أشبه ذلك، ويجتمعون كلهم من جميع أنحاء العالم وقاوموا البدع لربما لم يستطيعوا أن يقضوا على بدعة واحدة! فما بالكم إذا تفرقنا واختلفنا وتجادلنا وأضعنا الأوقات؟! فالله المستعان! نسأل الله أن يبصرنا جميعاً في الدين ويجنبنا الفرقة والاختلاف.