للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخروج من أماكن المنكر]

السؤال

هل يجب أن نخرج من المكان الذي يوجد فيه منكر حتى نكون ممن أنكر بقلبه؟

الجواب

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مراتب، والأحوال تختلف، فالكلام في إنكار المنكر قريب مما يُقال في التعامل مع أهل البدع؛ لأن البدع من المنكر، فالأحوال تختلف، فلم تخرج؟ إن قلت: أخرج لأنني لا أستطيع أن أنكر باليد ولا باللسان، وقد رأيت هذا المنكر، وغاية ما أستطيع أن أنكر به أن أخرج، فعليك أن تسأل نفسك أولاً: هل هناك مفسدة أو لا؟ أما إن كنت تخرج، وأنت تستطيع أن تتكلم، أو تنكر باليد فلا تخرج، أنكر ثم اخرج إن رأيت المصلحة في ذلك، وكذلك بالعكس، والإنسان الذي يخرج وفي خروجه مفسدة أكبر من ذلك المنكر، أو قد يحدث منكر أكبر من ذلك المنكر، إما من الجالسين، وإما من غيرهم، فيجب عليه ألاَّ يفعل، ونحن نعيش في واقع، فلا نكون بعيدين عن هذا الواقع، وهذا له أمثلة كثيرة، لكن أضرب لكم مثالاً: أكثر الناس مبتلون بالتدخين، فإذا جلست أنت معهم وهم يدخنون وهم من أقربائك، أو من زملائك، وتعلم أنهم يُدخنون، أو رأيت أحدهم يدخن، وتعلم أنك لو خرجت لارتكبوا محرمات أكثر، كإضاعة الصلاة أو اللهو أو اللعب أكثر من ذلك، فعليك أن تتحمل هذا في سبيل تحقيق مصلحة أخرى، إذا جزمت أو علمت أنك لو خرجت ارتكبوا منكراً أعظم، ولا شك أن ترك الصلاة أعظم من شرب الدخان.

فإذن يجب أن تُفكر والصور كثيرة جداً في الواقع.

وبالعكس لو تصورت أن خروجك سيجعلهم يألمون ويأسفون ويعتذرون، ويكفون عن المنكر، فحينئذٍ تخرج، فهذه الأمور دائماً مرتبطة بالمصلحة، وهذا مرجعه إلى حكمتك وخبرتك أنت في مجال الدعوة، واستعن بالله -عز وجل- فإن أخطأت فلك أجر، وإن أصبت فلك أجران.