حكم من يقول: إن التربية الإسلامية تُعَقِدُ الطفل!
السؤال
يقول بعض المتخلفين: إن الالتزام بالتربية الإسلامية للطفل قد يؤدي إلى تعقيده منذ الصغر، فما رأيكم في ذلك؟.
الجواب
حقيقة يؤسفني جداً، ويضحكني -وشر البلية ما يضحك- ونحن في هذا الزمن ابتلينا ببلايا كثيرة حتى أصبحنا كما قال المتنبي: تكسرت النصال على النصال.
فنقرأ من يقول: لا تدرسوا سور القرآن التي فيها -مثلاً- (تبت) أو آيات (الذي يكذب بالدين) أو فيها ذكر النار، لا تدرسوها للصغار لأن الطفل يخاف ويتعقد، نعوذ بالله! انظروا كيف أثر هؤلاء حتى في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يريدون أن ينتقوا منه، وأن يخضعوه لهواهم، يقول لك: لا تذكر الطفل بالنار حتى لا يخاف.
سبحان الله! لو أن الطفل أخذ القلم أو السجارة منه، لقال له: أحطمك أو أدمرك أو أنسفك، يخوفه بشيء، لكن أن يتلو عليه -أحيانًا- من القرآن مثل ذكر النار، أو ذكر جهنم فلا.
وهذا خطأ! بل لابد أن يقرأها الأب ويكررها حتى يسأله عنها الابن، فيقول له: يا أبي ما هي الجنة وما هي النار؟ وينبغي للمدرس أن يتكلم عن الجنة وأنها للمتقين، والمؤمنين، والمهذبين، والطيبين، والنظيفين إلى آخره، وأن النار والجحيم هي للأشرار الفجار.
فهذه المعاني تحدد له معالم الطريق في حياته، فسر يا بني على طريق الجنة، واجتنب طريق النار.
ويذكره بمحبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومحبة منهجه وسيرته، ومعاداة من عادى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنهم أبو لهب وامرأته.
كيف نتجرأ على كتاب الله بالحذف أو بالتعديل؟! إن هذه من الغرائب! بل يقول بعض الناس: لابد من ديمقراطية التربية، فلا تستخدم العصا ولا ترهب الطفل! ورب العالمين -أحكم الحاكمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل هذه الحدود والعقوبات فيها الصلاح.
سمعت تصريحاً لأحد رؤساء الدول العربية، التي أقيم فيها حد الإعدام على قاتل أطفال، فيقول: 'مع أنني شخصياً لا أؤمن بحكم الإعدام لما فيه من البشاعة، لكن هذا الرجل بالذات يستحق أن يعدم لأنه قتل أربعة عشر أو ستة عشر طفلاً' وفي الوقت نفسه لجنة حقوق الإنسان والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في دولة أخرى يتكلمون ويقولون: نحن ألغينا حكم الإعدام في هذه الدولة! أعوذ بالله! إلغاء الحدود جرأة على الله، وعلى أحكامه -أو ما يسمى بالعقوبات عندهم- وهذه حكمة من الله أنه يعطى الإنسان حق التأديب، فالرجل يؤدب زوجته بالضرب، وهذا في كتاب الله، حتى الطفل كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر}.
فهذه التربية بالعقوبة، أو بالحد، بمعناه العام لا بالمعنى الفقهي الضيق، المعنى العام للحد وهو المعاقبة بالتعزير أو التأنيب، أو أي نوع من أنواع العقوبة، هذه سنة من سنن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الذي هو أعلم بنا، فهو القائل: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة:١٤٠] والقائل: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] فهو أعلم بما يصلحنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولا يمكن أن أحداً يطبق النظرية الديمقراطية في التربية مهما تشدق بها، لأننا إذا قلنا: لا نستخدم العقوبة مع الطالب، ولا نستخدم العصا في المدرسة، فيتمرد الطالب إذا لم يؤدب، فلابد أن يعاقب؛ لأنها طبيعة وفطرة، حتى الزوجة لو قلنا: لا تعاقبها إذا أخطأت، واصبر ثم اصبر، لا شك أن هذا يمكن أن يتلفها بالكامل، فيقتلها.
وهكذا النفوس لا بد أن تُضبط فتكون كما أمر الله أو تكبت فتؤدي في النهاية إلى انفجار لا يحده أي حد، فلا بد من إعادة العقوبة، ورحم الله تلك الأيام التي كنا بعد الدراسة في العصر أو المغرب إذا رأينا المدرس في آخر الشارع ونحن نلعب الكرة هربنا واختفينا، لأننا نخاف منه وله رهبة، أما الآن تجد الطلبة في الفصل ومعلمهم فيهم يصيح عليهم اهدءوا! اسكتوا! اجلسوا! فلا يسمع له؛ لأنها ديمقراطية التربية.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.