للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضابط الأصول والفروع في الدين]

السؤال

ما أصل ضابط كل من أصول الدين وفروعه؟ وكيف نعرف الأصول من الفروع؟

الجواب

بالنسبة للأصول والفروع عامة، لا نفترض فيها الضبط المنطقي الدقيق حسب الحدود المنطقية الدقيقة، لكن ما كان متعلقاً بأمور الاعتقاد -العقائد والإيمان- فهو من الأصول، وأما الأعمال والشرائع العملية فهي من الفروع، ثم بعد ذلك العقيدة نفسها فيها أصول ويتبعها فروع لنفس الأصول التي هي الاعتقادات.

فمثلاً: الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو من الأصول، لكن -مثلاً- من الفروع مسألة الاستثناء في الإيمان، وأن ننظر إلى فلان والتطبيق الواقعي له.

من الفروع أن ننظر إلى بعض الأمور التي اختلف فيها السلف في مسائل واقعية أو عملية تتفرع عن مسألة الإيمان أو القدر أو الصفات أو ما أشبه ذلك.

فمثلاً: الأصل العام في الصفات أننا نثبت لله عز وجل ما أثبته لنفسه من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل، قد يكون من الفروع لها ما هو صفة من صفات الله عز وجل ورد بها حديث رأى بعض العلماء صحته ورأى بعض العلماء عدم صحته، هذه من الفروع، لكن -مثلاً- من يرى أن الحديث صحيح فيجب عليه ألَّا يؤول هذا الحديث, لأن ذلك يُعتبر نقضاً للأصل، أما الإنسان الذي يقول: "أنا الآن لم يثبت عندي" وهو عالم متبع للحق وللسنة, فهذا من الفروع.

مثلاً: إثبات رؤية الله يوم القيامة للمؤمنين هو أصل من الأصول، والمخالف فيه ضال مبتدع, لكن مسألة هل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه ليلة الإسراء أو لم يره، هذا من الفروع، وهكذا.

الخلاف في مسائل الفروع فيها الراجح والمرجوح، فالأمر فيها دائر بين الخطأ والصواب، أما المخالفة في الأصول فهي دائرة بين السنة والبدعة، بين الهدى والضلال، ولذلك يجب علينا أن نعرف أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يضيع الأصول بحجة أن بعض الفروع فيها خلاف.

مثال: بعض السلف لم يثبت صفة الساق فهل نهدم أصلاً كبيراً وهو توحيد الأسماء والصفات وما يبنى ويترتب عليه لهذا السبب؟! لا.

لو أن الخلاف في الأصل نفسه، لكان المخالف مبتدعاً لا يُعتد بخلافه أصلاً، أما إن كان من الصحابة أو من أهل السنة في مسألة من فروع العقيدة فإنه يحتمل النظر والاجتهاد، فإن هذا يجعل المسألة تدور بين الصحة والخطأ -كما قلنا- ولا يتعدى ذلك إلى إبطال الأصل، في أي حال من الأحوال، ومن فعل ذلك فهو إما جاهل وإما ملبس يريد أن يلبس على المسلمين ويفسد عليهم عقيدتهم متعللاً بما قد يتعلق بهذه الأمور، ويقول: إنها كلها أصول.