إن من يتتبع تاريخ هذا الرجل جورباتشوف يجد أنه قد رُبي بعناية، وقد أخرج وأبرز بعناية من الحزب الشيوعي نفسه وليس فقط -كما يرى البعض- أنه أبرز برعاية الغرب الرأسمالي، وذلك أن عملية إعادة البناء قد بدأت -في الحقيقة- في أيام يوري أندربوش، بل بيرجنيف بنفسه وهو الرجل المتصلب على حرفية الشيوعية كان يشارك في كثير من نقاط العملية، وقد أسهم إلى حدٍ ما في إبراز جورباتشوف، فرجل شاب نشط صاحب مواهب هُيئ من أجل أن يقوم بهذا الدور الخطير، الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج كُبرى في تاريخ الفكر والسياسة العالمية.
هيئت جميع السبل أمام جورباتشوف ليصبح زعيماً عالمياً عن دراسة من الحزب، فهو ليس رجلاً مستبداً متسلطاً أتى ليحكم -وإن كان ذلك ليس بغريب على الاتحاد السوفيتي - ولكن كان هناك إعداداً، من السلطة القوية للحزب، وكذلك الفروع يستحيل معها أن يأتي رجلٌ بمجرد أنه مستبد وخارج عن الحزب خروجاً كلياً، فيصل إلى أن يكون رئيساً للحزب ورئيساً للدولة في وقتٍ واحد، وهذا ما يُفسر أن الارتياح الغربي لوجوده يقابل بالشكوك، وبعض التحليلات الغربية ترى أنه قد يفشل، وبعضهم يرى أنه قد ينتهي، وبعضهم يتفاءل، وبعضهم يتمنى أن يطول هذا الأمد وهذا الحلم ليرى ما هي النتيجة التي سوف تنكشف عنها هذه المغامرة.