المرحلة الثالثة: وهذه هي المعلم الفاصل في تاريخ أوروبا الذي يعتبرونه فجر العصر الحديث والإنسانية كلها، وهي الثورة الفرنسية التي قامت سنة (١٧٨٩م)، فأقامت لأول مرة في تاريخ أوروبا النصرانية مبادئ لا تستند إلى الدين في شيء، وجعلت ارتكاز الحياة والاحتكام في الحياة إلى أهواء الناس، وكان شعارهم وهم يتظاهرون ويذبحون ويسفكون الدماء: اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس، أي: أنهم يقضون على الإقطاع الملكي من جهة وعلى الدين من جهة أخرى، لتقوم دولة علمانية لا تحتكم إلى الدين في شيء، كذلك نحيت التوراة والإنجيل وما فيها من أحكام، وابتدأ الناس في وضع الأحكام الوضعية والقوانين الوضعية، وأخذوا يفكرون في إنشاء دساتير.