من هنا نصل إلى نتيجة لا يهمنا مقدار صحتها بقدر ما يهمنا الحقائق العملية التي تترتب عليها بالنسبة لنا نحن العالم الإسلامي.
فهذه النتيجة التي نستخلصها تقول:"إن أوروبا ككل تتجه نحو التقارب".
أي: أنه لو عدنا أدراجنا إلى القرن التاسع عشر، أو بالأحرى إلى بداية الثورة الشيوعية وإلى عهد لينين الذي حكم من عام (١٩١٧م) إلى عام (١٩٢٤م)، نجد أن الفرق الواضح الجلي بين الشيوعية وبين الرأسمالية قد تلاشى، وقد تقاربت أوروبا شرقها وغربها.
الشرق لم يعد شيوعياً ماركسياً حرفياً، وكذلك الغرب لم يعد رأسمالياً إمبيريالياً حرفياً، ولاشك أن هذه حقيقة واقعة لا يجادل فيها أحد.
وبناءً عليه فإن ما حصل من عملية إعادة البناء للاتحاد السوفيتي هي اقتراب مما تطالب به الأحزاب الاشتراكية عامةً، بل والأحزاب الليبرالية في العالم الغربي، من ضرورة الموازنة بين سلطة الدولة والشعب، بين قيمة الفرد وبين قيمة المجتمع، أو حقوق الفرد وحقوق المجتمع، فبعد أن كانت الشيوعية مبدأً جماعياً محضاً، وكانت الرأسمالية مبدأً فردياً محضاً، يتجه كل منهما إلى نوع من حلول الوسط.