للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحوال الاتحاد السوفيتي في ظل الوفاق الدولي]

وإذا انتقلنا إلى الاتحاد السوفيتي، ونحن الآن نركز على الكتلة الشرقية، أقول: أركز عليها؛ لأن علاقة اليهود بـ أمريكا والعالم الصليبي أشهر من أن تذكر، وأصبحت العجوز في بلادنا أو في أي مكان تعلم -فضلاً عن المثقف- أن أي قرار تصوت عليه أمريكا في مجلس الأمن مثلاً فإنه سيكون لخدمة إسرائيل، وأن أي مطلب تريده إسرائيل فإنه سينفذ، فالقضية أصبحت لا تحتاج إلى أدلة.

ولكن نريد أن نركز على الاتحاد السوفيتي الذي يتشدق في هذه الأيام عنه بأنه انفتح على الحرية، والسلام، والديمقراطية، والمحبة، وهذا الفخ الذي يراد أن يوقع فيه العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي، على أننا سنعرج على أمريكا عند الحديث عن تضخيم الصحوة الإسلامية، والتحذير من مخاطرها -إن شاء الله- في صحيفة الحياة التي تصدر في لندن وهي كانت صحيفة لبنانية من قبل- يقول الكاتب: ' موسكو حذرت مجموعة من الكتاب الروس البارزين القيادة السوفيتية من تصاعد النشاطات الصهيونية -كتاب مثقفون وزعماء في الأدب حذروا من تصاعد النشاطات الصهيونية في الاتحاد السوفيتي - مما يهدد بتحويل الحوار الروسي اليهودي إلى مواجهة حتى الموت' بين اليهود الذين تمكنوا الآن نتيجة إعادة البناء (البروستريكا) وبين القوميين الروس الذين لا يريدون أن يسيطر على بلادهم إلا هم لا أولئك الغرباء.

ثم يقول: 'وفي رسالة نشرتها صحيفة تصدر من روسيا الناطقة باسم: اتحاد الأدباء في روسيا الاتحادية، اتهم الكتاب الروس الصحافة السوفيتية بشن حملة دعائية شعواء ضد الحركة القومية الداعية إلى انبعاث روسيا، وأكدوا أن هذه الحملة تنظم للتستر على الفاشية الجديدة التي تجسدت في اتحاد الصهاينة السوفييت {{فهم يسمون اتحاد المجالس العليا السوفيتية اتحاد الصهاينة السوفيتية، كأنه لا يعمل فيه إلا الصهاينة فقط.

وحذروا أن بعض الصحف المركزية التي تؤجج الهستريا بشأن منظمة الذكرى}} وهي منظمة قومية روسية لعلنا نستعرض بعض ما يتعلق بها أيضاً، فهي منظمة تعلن العداء لليهود، وأن اليهود سيطروا على بلادهم.

ثم يقول الكتاب: إن مقاومة هذه المنظمة، أو الذي يجري بينها وبين اليهود نخشى أن يتحول إلى اتجاه عكسي أي: إلى تجميد الصهيونية مخفية عن الرأي العام السوفيتي.

{{وأشارت إلى تورط منظمة فيتار بالمذابح ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، والمئات من الجرائم البشعة الأخرى التي اهتز لها العالم مراراً}} وهذه من الأسرار التي لأول مرة تنشر عن صبرا وشاتيلا ويكون لليهود السوفييت مشاركة فيها.

ثم يقول: {{وأعرب الكتاب الروس عن استيائهم من عقد مؤتمر لمنظمات يهودية سوفيتية في موسكو نهاية العام الماضي (١٩٨٩م) وأضافوا أنه: اجتاحت الاتحاد السوفيتي بعد هذا المؤتمر حملات دعائية تميزت بالعنصرية المتطرفة، واتهموا الصهاينة السوفييت بافتعال خرافة عن الفاشية الروسية، إلى أن يقول: وأدان المثقفون الروس ما وصفوه برد الاعتبار للعقيدة الصهيونية، وقيام وسائل الإعلام السوفيتية بتمجيد الشخصيات الاجتماعية والثقافية من أصل يهودي}} أي: أن الأدباء والمثقفين والكتاب والشعراء الذين من أصل يهودي، هم الذين يحفون بالدعاية الضخمة بـ الاتحاد السوفيتي وفي غيره.

ثم يقول: {{حتى المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي يعمل على تغيير صفحة الصهيونية المجرمة}} إلى آخر الكلام، ولا نريد الإطالة فيه، وإنما ننتقل إلى الحديث -كما قلنا- عن هذه المنظمة: بانيات، أي: منظمة الذكرى؛ وهي منظمة قومية روسية، هالها أن اليهود بدءوا يتمكنون بشكل علني واضح في الاتحاد السوفيتي منذ قيام جورباتشوف وعملية إعادة البناء -كما تسمى- فأخذت تدافع عن الماضي القومي لـ روسيا القيصرية، وتريد إحياء الصليبية القيصرية، ولاحظوا بين فكين: فك الصهيونية اليهودية وفك الصليبية القيصرية أيضاً؛ وكلاهما نحن سندفع الثمن إن انتصرا أو تفوقا.

وهذه مقتطفات قصيرة: {{النائب الأول لوزير الخارجية السوفيتية ذكر أن الإشاعات قد تكون وراءها عناصر قريبة لإسرائيل}} والإشاعات هي عن المجازر والمذابح التي قد يؤدي إليها هذا الصراع.

{{وأصبحت منظمة بانيات تنظيماً قوياً له مئات الآلاف من المناصرين، ويعد أعضاؤه بعشرات الآلاف وهم يرتدون في اجتماعاتهم قمصاناً سوداً، رسم عليها ناقوس -لاحظوا الصليبية كيف تعود- يرمز إلى أن الوقت حان لاستيقاظ روسيا من سباتها، وتتخذ المنظمة شعاراً لها رسماً للقديس وهو يطعن التنين}} ويذكر أن الإشاعات عن المذابح ضد اليهود تحدد الخامس من آيار مايو المقبل موعداً لها، وفي هذا اليوم من كل عام يحتفل المسيحيون الروس الأرثوذكس بعيد لتقديس جورج، يعني: وعدت هذه المنظمة بأنه في آيار مايو -لعلنا نرى ماذا يجري عندها- يوم الاحتفال بذكرى هذا القديس وهو من القديسين الكبار الأرثوذكس في الاتحاد السوفيتي، في يوم عيده سوف تقوم هذه المنظمة بعمليات مجازر أو عمليات دامية ضد اليهود في روسيا.

المهم انظروا كيف أن هذه الحقائق التي أراد الله تعالى أن تكشف على يد هذه المنظمة وأمثالها.

يقول: {{سألت الحياة فاسولين -زعيم المنظمة- عن مغزى اختيار منظمته لهذا القديس شعاراً لها، أي: لماذا اخترتم هذا القديس النصراني شعاراً لكم؟ -فقال: إن أوروبا - أي: أوروبا الغربية- التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا بعد أن ألبسته رداءً ماركسياً، وأوروبا التي تنتهل اليوم كرامتنا القومية هي سبب مصائبنا على رغم أن روسيا كانت الحصن المنيع الذي وقاها من الجحافل الآسيوية}} وهذا تصريح واضح بأن الماسونية هي وراء الثورة الفرنسية، وأنها هي وراء الحركة الشيوعية ووراء ما جرى في الثورة -كما سيأتي من كلامه- إذاً يقول: {{إن أوروبا التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني -وهذه حقيقة- عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا}}.

ثم يقول: {{إن روسيا هي التي حمت أوروبا من الجحافل الآسيوية}} ما المقصود بالجحافل الآسيوية التي وقفت روسيا صداً منيعاً دون دخول هؤلاء أوروبا؟ الدولة العثمانية قرون طويلة وهي تكاد أن تجتاح أوروبا، وأكبر عدو كان يقف في وجهها هو روسيا القيصرية، وهذه حقيقة فعلاً، فهم يجعلون هذه جحافل آسيوية وأوروبا التي تعتبر العالم في الحقيقة هو أوروبا وما عداه فهم همج لا قيمة لهم، ولا سيما العالم الإسلامي.

يقول فاسولين: {{وما حصل عام (١٩١٧م) وهو عام قيام الثورة الشيوعية كان انقلاباً منافياً للقانون، وكان للصهاينة دورهم فيه، وإثر ذلك أحيطت بلادنا بأسلاك شائكة وقطعت جذور الأمة، وأبيد عقلها وضميرها، وحورب الدين الذي يعتنقه شعبها، والقديس جورج الذي يطعن التنين، يرمز إلى انتفاض شعبنا ضد العدو}} فهي انتفاضة صليبية ضد السيطرة الصهيونية -كما يقول- {{ويرى فاسولين أن البروستريكا خلقت وضعاً استطاع معه أدعياء اليسار أن يحتكروا الديمقراطية ويفرضوا رأياً بروسترياً واحداً، لقد سيطروا على وسائل الإعلام وهم يكممون على الأفواه المعارضة، ولسان منظمتنا -كما يقول- خير شاهد على ذلك.

ويصدر اليهود صحفاً ومطبوعات -لاحظوا كلامه- بفضل الرسالي- يعني: رءوس الأموال المتدفقة من الخارج، بينما الشعب الروسي عاجز عن التبشير بآرائه, لأن الأموال حكر على الحزب والسلطة}} ثم ذكر كلاماً كثيراً ويكفينا منه هذا وهو: أن هذه الحركة الصليبية الروسية تقول: إن عملية إعادة البناء وزعامة جورباتشوف قد أدت إلى أن يُحكم اليهود قبضتهم وسيطرتهم على الاتحاد السوفيتي، وأنهم يهود صهاينة، ومعروف كلمة صهاينة عند الغرب والشرق؛ أي: الذين يؤيدون إسرائيل، وحريصون على إقامتها.

وليس غريباً بعد ذلك أن نرى الهجرة اليهودية إلى الأرض المحتلة، وليس غريباً أن تتطوع شركات الطيران في أوروبا الشرقية وغيرها لنقل أولئك اليهود، وأن تتبرع الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء وبناء الوحدات السكنية لهؤلاء اليهود، وأن يصرخ الشرق والغرب من هؤلاء الأطفال الذين يقذفون بالحجارة فقط هؤلاء المحتلين، فتعاون الشرق والغرب من أجل القضاء على هذا الجهاد -جهاد الحجارة البسيط- لا لأجله، ولا لأجل أرض فلسطين فقط، بل ليُحكموا قبضتهم وسيطرتهم على الأمة الإسلامية عامة.