للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد على من يجوز كشف الوجه واليدين للمرأة]

السؤال

أخي سفر الحوالي هنيئاً لك بهذه الوجوه التي جاءت من أطراف الرياض لكي يسمعوك! أخي الكريم: كيف نرد على هؤلاء الذين يقولون بضرورة كشف الوجه واليدين، حيث يأتون بأحاديث ونصوص نحسبها صحيحة، فأفدنا؟ ثم ما رأيك في انتشار ظاهرة استعمال الدائرة التلفزيونية أو ما يسمى بالحجاب الإلكتروني في التعليم والمحاضرات والأمسيات الأدبية والشعرية وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

لعلي أختصر حقيقةً.

أما ما يتعلق بمسألة كشف الوجه، فلابد أن ننظر أولاً إلى من يقول ذلك، إن كان الذي قاله إنسان من الأتقياء من العلماء ممن تحرى وبحث في الأدلة من الكتاب ومن السنة وخرج برأي: أن المرأة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا عند الفتنة؛ لأن جميع المسلمين يقولون: إذا حصلت فتنة وجب أن تغطي وجهها، إن كان كذلك فهذا لهم جواب، وإن كان متهتكاً متخلعاً لا يلتزم بأوامر الله وقد لا يصلي ولا يطبق السنة ويكتب في الجرائد: كشف الوجه ليس بحرام سبحان الله! هذا الذي نصّب نفسه عالماً مفتياً، وليس فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم شيء، هذا كلامه مردود من أصله، ونقول: هذا ضلع في المؤامرة الشيطانية على المرأة المسلمة.

أما ذاك فجوابه هين، النصوص التي يوردها إما غير صحيحة وإما غير صريحة، فإن كانت غير صحيحة بينا له، ولا يحتج إلا بالصحيح، وإن كانت صحيحة لكنها غير صريحة فيجب أن يعلم أن كل نص قد يوهم أو قد يشف منه أو يدل على عدم تغطية الوجه فهو قبل نزول الحجاب، ما نزلت سورة الأحزاب إلا بعد غزوة الأحزاب -الخندق- وقبل ذلك كان المجتمع المسلم يتدرج في تطبيق هذا الدين قليلاً قليلاً، المجتمع المسلم كان في أول الإسلام لا تغطي المرأة وجهها، فأي حديث يوجد فهو إن كان صريحاً صحيحاً فهو في هذه المرحلة، أما بعد ذلك فلا يمكن، ولا يمكن أن ننسى أبداً أن التواتر العملي في هذه المسألة موجود، التواتر العملي، أربعة عشر قرناً والأمة الإسلامية تطبق الحجاب عملياً، ليس فقط مجرد نص، بل هو عمل توارثته الأجيال، تلقاه التابعون عن الصحابة، ثم أخذه أتباع التابعين إلى هذا القرن، إلى هذه الأيام، تواتراً عملياً.

كيف يقال: كل هؤلاء كانوا متمسكين بشيء خطأ مهما قيل من النصوص؟! لا.

كما قلت لكم: المرأة المسلمة في مصر -أول بلد ضغط عليه ليكون مكاناً للمؤامرة- وتمثل المؤامرة امرأة محجبة تغطي وجهها، وهي ذهبت لتمثيل المؤامرة، هذا دليل على عمق الحجاب بالشعور الإسلامي.

أمان الله خان ملك أفغانستان لمّا جعل زوجته تتبرج وشهر بها سقط، وهذا المجرم اليهودي كمال أتاتورك لما ألغى الحجاب في تركيا قامت الضجة عليه وما تزال، والآن رجعت المرأة التركية للحجاب والحمد لله، في كل مكان هذا الشعور موجود، حقيقة موجودة! فيم يتغزل أهل الغزل وأهل الشر إلا في الوجه؟ ماذا يرى الخاطب؟ الوجه والكفين، إذا كان الخاطب يرى وجهها وكفيها في كل مكان ما الذي يطلب منها إذا خطبها؟ إذا كان الله تعالى أباح للمحَرم أن يرى الوجه والكفين، إذا كان هذا يراه كل الناس ماذا يبيح للمحرم؟ لماذا قال: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ} [الأحزاب:٥٥] لماذا يخصص الآباء والأبناء وأبناء الإخوة ما دام كل الناس يرون الوجه والكفين؟ كيف نتجاهل هذه الأمور جميعها.

الحقيقة لا أريد أن أطيل، لأن كثيراً من العلماء والحمد لله والدعاة كتبوا وتكلموا وخصت كتب ومحاضرات لدحض شبهات هؤلاء، لكن أكتفي بالإشارة، وأؤكد على أن بداية المؤامرة تبدأ بالوجه، ولكنها لا تنتهي إلا بأفلام ومسارح التعري والرقص المشين الخليع، هكذا دائماً.

أما عن الدائرة التلفزيونية، الدائرة التلفزيونية هناك خلط -الآن- يقع في الواقع، أما بالنسبة لكلية تربية البنات مثلاً؛ لأنه هو الأنموذج الأفضل، أنا أقول حقيقةً وأنا في جامعة لدينا قسم للنساء، قسم العقيدة في جامعة أم القرى فيه طالبات، هذا معروف، وأنا رئيسه، لكن أنا أقول: الحقيقة أنه يجب أن يكون هنالك جامعة أو أكثر للبنات ينفصلن تماماً عن الرجال، هذا الحق الذي يجب أن يكون، ونرجو أنها في الطريق إن شاء الله إلى التحقق.

فأنا أقول: أما بالنسبة لكلية التربية للبنات لها نظامها المستقل تماماً، فإذا وجدت دائرة تلفزيونية بحيث يبنى لها كما هو معروف مبنى مستقل في الخارج عند المدخل يأتي الشيخ يلقي المحاضرة، تنقل عبر الدائرة إلى الصالات هذا لا بأس به إن شاء الله، ريثما تتخرج الخريجات اللاتي يقمن بالدور المطلوب.

على أن القضية لا أنسى أن مرجعها إلى الأصل، الأصل: أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة، وأن تعليمها يجب أن يختلف عن تعليم الرجل أيضاً، لا نقول هذا بإطلاق إقراراً للواقع، لكن أن تكون أمسية أدبية، وتوضع ستارة من القماش في الوسط، وهنا نساء وهنا رجال، وتلقي المرأة القصيدة والناقد ينقد -ما شاء الله- ويعترض عليها وهي ترد عليه، وقلنا: حرام.

قالوا: مثلما عندكم في الجامعة سبحان الله! هذا ليس عندنا في الجامعة؟! ليس هناك نسبة بين جهة تعليمية تربوية دينية -ولا أقر بكل ما فيها- وبين ما يقال وما يفعله هؤلاء الناس الذين يأتون إلى فندق أو إلى مسرح، ويجعلون هذه الستارة من القماش في الوسط، ويقولون ما يشاءون ويقولون: إن المرأة لا يظهر منها إلا صوتها لا، هذا شيء وذاك شيء آخر، وهذه من البوادر السيئة التي لا يزيد عمرها عن سنتين في مجتمعنا، سنتان أو أقل فقط في مجتمعنا عرفنا أمثال هذه الظاهرة وأمثال هذه الحوارات الأدبية السيئة التي يجب أن تختفي، وأن نبذل جهدنا لإقناع كل من يهمه الأمر إلى إخفائها وإبعادها إن شاء الله.