ولعل من طريف ما نختتم به من الأمثلة أن شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله تكلم حتى في علم الطيران، وقد يقول قائل: ما المناسبة بين علم الطيران وكتاب الجواب الصحيح؟ فأقول: إن موضوع رفع المسيح عليه السلام ينكره الفلاسفة، ويقولون: إن الجسم الثقيل لا يمكن أن يرتفع أو يصعد في الفضاء، فيرد عليهم شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله ويقول: 'إن هذا القول ضعيف في غاية الضعف، فإن صعود الأجسام الثقيلة إلى الهواء مما تواترت به الأخبار في أمور متعددة، مثل عرش بلقيس الذي حمل من اليمن إلى الشام في لحظة، عندما قال سليمان:{يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا}[النمل:٣٨] ومثل حمل الريح لسليمان عليه السلام، ومثل حمل قرى قوم لوط ثم إلقاؤها في الهواء، ومثل المسرى إلى بيت المقدس ' وهذا من حكمته -رحمه الله- أنه بدأ بالأمثلة التي يعرفونها؛ لأنه يخاطب كفاراً، وهي في كتبهم، وفي الأخير ذكر مسرى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعراجه، وأيضاً لا بد أن يستطرد وأن يصحح العقيدة، فيقول: 'ورجال كثيرون في زماننا وغير زماننا يُحملون من مكان إلى مكان في الهواء -وهو ما تفعله الشياطين مع الصوفية وأشباههم ثم يقول: ومعلوم أن النار والهواء الخفيف تحركه حركة قسرية فيهبط' يذكر قانوناً من قوانين الفيزياء.
'والتراب والماء ثقيلان يحركان حركة قسرية فيصعد، وهذا مما جرت به العادة' ولعل فيما تقدم كفاية من حيث أهمية الكتاب، واشتماله على علوم جمة وموضوعات غزيرة متفرقة، وأصول وقواعد عظيمة في علوم شتى، ولننتقل الآن إلى ما نريد أن نعمله تجاه هذا الكتاب القيم العظيم.