أما حكم من يذهب إليهم فليس هيناً كما يحسبه بعض الناس؛ فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوضح ذلك وبينه بقوله:{من أتى عرافاً أو كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً أو أربعين ليلة} وفي الحديث الآخر: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} ولا تعارض بين الأمرين، فلو أن أحداً ذهب إلى عراف أو إلى كاهن أو إلى قارئة الفنجان أو خطاط رمل أو منجم أو فلكي -كما يسمونهم أحيانا الفلكيين! - أو إلى أي شيء من هذه الأمور، كمن يذهب إليه في مقابلة صحفية، أو يذهب إليه ليرى أحواله وليتفقد ما عنده، من غير أن يصدقه بما يقول، فإن هذا لا تقبل له الصلاة أربعين يوماً والعياذ بالله!! فبالله عليكم! أفضل الأعمال التي بها نرجو النجاة عند الله تبارك وتعالى بعد توحيده والتي هي كالنهر الغمر الجاري نغتسل كل يوم فيه من الخطايا والذنوب التي تقترفها جوارحنا تذهب هكذا ولا تتقبل، ويكون قد أداها فقط، لأن هذا بدافع الفضول، يقول: أذهب لأرى ماذا يفعل هذا، ولماذا يتجمع هؤلاء عنده؟ بهذا فقط، أما لو ذهب إليه فصدقه بما يقول كأن يقول مثلاً: أنت ستتزوج فلانة وتنجب منها أولاداً؛ والوظيفة ستترقى فيها لمرتبة كذا، أو كذا، أو يقول: عندما ضاع منك الشيء الفلاني أخذه فلان، أو عندما وقع لك المرض الفلاني كان بسبب فلان، أو أي أمر من هذه الأمور، فإن صدقته بما يقول؛ فقد كفرت بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إذاً فالأمر عظيم وعظيم جداً ولماذا كفر؟ لأن مما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}[الأنعام:٥٩] فمن زعم أن أحداً يعلم الغيب فقد كفر بهذه الآية وأمثالها.