للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموازنة بين الأعمال]

السؤال

أحب العمل في المراكز الصيفية وأسعى جاهداً لذلك، وقد يكون أكثر وقتي فيه ومن أجله، لكني أرى نفسي مقصراً في قراءة القرآن مثلاً، وفي المحافظة على الأوراد التي كنت أحافظ عليها، وأحس كذلك ببعض الضعف في إيماني، لأني حريصٌ على هداية الآخرين ومقصرٌ في نفسي، فما نصيحتكم؟

الجواب

أنصح نفسي وإخواني بالتوازن في أمورنا جميعا، ً وليس هناك تعارض بين العلم وبين الدعوة، ولا تعارض بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج البيت، وداخل البيت، ولا بين العمل بأمر الله في النفس وبين دعوة الناس إلى العمل به، والحقيقة من أين يأتي التعارض، ومن أين يأتي الخلل؟ يأتي الخلل مني أنا، من تصرف الداعية نفسه، فلو أنني غلبت جانباً على آخر ولم أكن متوازناً في هذه الأمور فإنه سوف يحدث هذا الذي ذكر.

وانظروا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو أعبد الناس لربه عز وجل، وأكثر الناس جهاداً، وأكثرهم أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر خارج البيت، وأعظم الناس قياماً بحق الزوجة هو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعظم الناس قياماً في حق أمر المسلمين والرعية التي كان يرعاها هو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيجب أن نسعى إلى التوازن وإن كان التوازن صعباً، لكن علينا أن نسعى إليه، وأن نجاهد أنفسنا فيه، لعل الله أن يحقق لنا ذلك.

ونقول: إن الإنسان يجب أن يقدم الأفضل على الفاضل، والفاضل على المفضول، لأن الإنسان قد يقرأ القرآن لوحده، لكن إذا ذهب إلى حلقة في المركز فيها تجويد وتفسير، فأيهما أفضل: قرآتي وحدي -وقد أغفل- بغير تجويد وبغير تفسير أم تلك التي في الحلقة؟ لا، تلك التي في المركز أفضل وهكذا.

وأيهما أفضل: أن أجلس وأسبح الله وأذكر الله -وهذا شيء عظيم ولا شك فيه- أم أن أنكر منكراً أمامي؟ في الحقيقة إنكار المنكر أفضل لأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حمر النعم} أي: من أعظم ما في هذه الدنيا من المتاع.

أحياناً يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي أفضل عمل، وأفضل حتى من الذكر وهكذا، فيجب أن يكون عندك من الفقه ما توازن به بين هذه الأمور وتقدم الأفضل ثم الفاضل ثم المفضول.