هذا هو الكفر المخرج من الملة، الذي يكون صاحبه قد ارتد وخرج من دين الإسلام بالكلية ولا يرجع إليه إلا بتجديد الإيمان والتوبة من هذا الكفر.
قال: ' فهو أنواع، أحدها: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله'.
فيقول: لا يجب على الناس أن يتحاكموا إلى ما أنزل الله، فهذا لا ريب ولا شك في تكفيره؛ لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وجحد أمراً قطعياً في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومتواتراً في سنة وسيرة محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقول: 'وهو معنى ما رُوي عن ابن عباس واختاره ابن جرير أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم'.
أي: إن جَحْدَ أيَّ حكم من الأحكام الثابتة القطعية فلا نزاع بين أهل العلم أنه كفر، فلو أن أحداً جحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة، أو وجوب صوم رمضان، أو وجوب الجهاد، أو أي أمر من هذه الأمور المعلومة، فإنه يكفر ويخرج من الملة.
قال الشيخ: 'فإن الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم -أي: أهل العلم- أن من جحد أصلاً من أصول الدين أو فرعاً مجمعاً عليه، أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعياً فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة'.
وهذا النوع هو الذي لا يكون إلا ممن جاهر بالردة، أو ممن لم يلتزم دين الإسلام كاليهود والنصارى وأشباههم، فهم لا يرون أن التحاكم إلى الكتاب والسنة واجب، أو أن الإنسان يجب عليه أن يصلي أو يصوم أو يعف عن الزنى أو الخمر، فهذه الأمور خارجة عندهم عن دائرة الوجوب، لأنهم -أصلاً- جاحدون لما أنزل الله، ومن جحد شيئاً من ذلك فهو كمن جحد كل ما أنزل الله؛ حتى وإن زعم أنه مسلم فإنه يكون جاحداً للكل!! وهذا بالنسبة للأحكام موجود فيمن ينتسب إلى الإسلام، ومن ذلك من يقول: إن العصر قد تغير، وإن الزمان قد اختلف، وإن الحكم بما أنزل الله إنما كان واجباً في زمن كانت الإنسانية فيه بدائية، والحياة بدائية، والأحوال أقرب إلى البساطة، أما الآن في عصر الحضارة والتعقيد والتطور فإنه لا يجب، وهذا يقولونه: إما بلسان الحال أو بلسان المقال، وهو كفر مخرج من الملة، فهذا النوع الأول، وقد عده سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز من نواقض الإسلام.