{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}[الأنعام:٤٣] فلو أنهم تضرعوا إلى الله لكشف عنهم السوء، ولهذا استثنى الله تبارك وتعالى من الأمم قوم يونس يقول الله تعالى:{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}[يونس:٩٨].
فذكر المفسرون من السلف رحمهم الله في هذه الآية أن قوم يونس خرجوا إلى الصعدات، وجأروا إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وخرجوا بأطفالهم ونسائهم ودوابهم، وقيل: إنهم ظلوا على هذه الحالة أربعين ليلة وهم يستغيثون ويتضرعون ويدعون ويبكون ويستغفرون فكشف الله تبارك وتعالى عنهم العذاب في هذه الحياة الدنيا، وهذا من فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومن سعة رحمته.
أما الذين يصرون ويعاندون ويستكبرون على الله ولا يتضرعون إليه ولا ينيبون؛ فإنه يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا ما بينه في سورة الأنعام وكما بينه أيضاً في آيات الأعراف السابقة، ويقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف:٩٦]، فهناك ذكر أنهم {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام:٤٤] وقال هنا: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف:٩٦] وليس أبواب كل شيء؛ ولكن بركات، والبركة في أي أمر حلت فهي خير، أما الذي لا بركة فيه فلا خير فيه.
وإن كان كثيراً {وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:٩٦].