للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النوع الثاني: تغيير المنكر مع بقاء عينه]

وذلك مثل القرام الساتر الذي كان في بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان فيه صور، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسمها وسادتين توطآن، وهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وجعله شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية -رحمه الله- من الأصول في هذا الباب.

وفيه {أن جبريل لما أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فامتنع أن يدخل البيت، فقال: إنه ما منعني أن أدخل عليك البيت إلا أن فيه تمثالاً} وكان فيه أيضاً القرام الساتر الذي فيه الصور وكان فيه -أيضاً- كلب، فكيف عمل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وكيف غير؟ أما التمثال فقطع رأسه حتى أصبح كهيئة الشجرة، وأما القرام فإنه قطعه وسادتين توطآن.

إذن: فالصور الممتهنة المحتقرة التي لا يؤبه لها في الفرش قد عفي عنها، وقد ابتلينا في هذا الزمن بصور لا عد لها ولا حصر في كل شيء.

وأما الكلب فإنه يُخرج؛ لأنه ذات منفصلة.

فهذا الحديث أصل في أنواع التغيير، فلم يجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكم واحداً، بأن يحطم الصنم، ويحرق الستار، ويقتل الكلب -مثلاً- إنما هذا له معاملة، وهذا له معاملة، وهذا من حكمة التشريع الذي أنزله الله -تبارك وتعالى- وهو أحكم الحاكمين جل شأنه.

فالمنكر إما أن يتلف وإما أن يغير.

أما التلفاز وأشرطة الأغاني وأشرطة الفيديو، فهذه لها حالتان بحسب المصلحة: إن كانت المصلحة أن يعاقب صاحبها، فإنها تحرق وتتلف، ولا سيما إذا كانت فيها صورٌ فاحشة أو أغانٍ ماجنة، فهذه لا بد أن تتلف وأن تحرق، وإن نظر ناظر أنه يمكن أن يستفاد منها، فيسجل عليها مادة علمية مفيدة، ثم يستفاد من الشريط، فلا بأس، وهذا يدخل فيما سبق، فالأمر واسع، فهو بحسب ما يراه المحتسب، وللمجتهد أو المفتي أو العالم أن يفتي فيما يراه أنه الأرجح لديه، ولا بأس في ذلك، فهذا أمر يرجع إلى المصلحة.

- ما هي اختصاصات المحتسب من حيث العمل؟ وما ميدانه؟