هذا سؤال عظيم، فكثير من الإخوان من يقول: أنا تبت، فكيف أعرف أن الله تاب عليَّ؟ فاعلم يا أخي الكريم أن من علامات قبول الحسنة أن تفعل الحسنة بعدها، فإذا أديت الحج، فإن علامة قبوله أن تكون في محرم وفي صغر في طاعة الله، فتكون قد انتفعت بذلك الحج فاستقمت، وإذا صمت رمضان فإنك تكون في شوال مستقيماً على الطاعة ومحافظاً عليها وهكذا.
فعلامة قبول التوبة الاستقامة على أمر الله، فإذا استقمت فاعلم أنك قد كرمت عليه، فلما كرمت عليه بالتوبة حجزك ومنعك عن العودة إلى المعصية، لكن لو رجعت إلى المعصية فأنت عليه هين، فلم يحجزك ولم يمنعك، فارجع إليه، ولا تمل بابه؛ فهو الكريم الذي لا يجوز أن نمل سؤاله أبداً، ولا ملجأ لنا ولا منجى إلا إليه.
وقد ذكر بعض العلماء قصة الصبي، وهي تدعو إلى التفكر والتدبر، وهناك من ينظر ويأخذ العبر، وهناك من لا يأخذ العبرة.
رأى بعض العلماء صبياً خرج من بيت أمه وقد أغضبها، فتوعدته، فخرج من البيت ثم لما جاع وذاق حر الشمس، إذا به يرجع ويدق الباب وينادي أمه:" يا أماه افتحي"، ففتحت له أمه واحتضنته، وقالت: ألم أقل لك يا بني: لا تذهب ولا تبعد عني؟! وأنا رحيمة بك وأنا أعطيك، وأنا كذا، قال: فتذكرت على الفور رحمة الله عز وجل، وباب الله عز وجل! أيها الإخوة: الواحد منا يشرد بالمعاصي والذنوب عن الله، وباب الله تبارك وتعالى مفتوح فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار} يبدل السيئات حسنات لمن تاب، لكنَّ الذي يهرب والذي يشرد إنما هو نحن، فإذا هربنا فإلى أين؟! وإلى متى؟! إننا سوف نرجع إليه وندق بابه مرة ثانية! فيجب علينا ألا نهرب ولا نبتعد عن الله عز وجل، ولا نتبغض إلى الله بالمعاصي، بل نتحبب إليه بالطاعات ليفيض علينا جزيل النعم، ومهما هربنا فلابد أن نرجع إليه، فلنعد إليه ولا نبتعد عن طريقه ولا عن بابه الكريم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.