للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مرض سوء الظن]

السؤال

ما هو رأي الدين فيمن يسيء الظن بالناس وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

لا تقل رأي الدين يا أخي! ولكن قل: ما حكم الله؟ ما حكم الشرع؟ هذا ليس رأياً، الرأي رأينا نحن، أنا وأنت، أما ما كان من الدين، فهو حكم من الله.

حكم الله فيمن يسيء الظن بالناس نجده في قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:١٢] فمثلاً: إذا أسأت الظن بأهلك في البيت، فقد يُؤدي ذلك إلى اتهامهم بما لا يليق، وربما أدَّى ذلك إلى الطلاق -وكثيراً ما يقع هذا والعياذ بالله- وإذا أسأت الظن بالموظفين أو العمال؛ دفعتهم إلى الريبة وأفسدت نياتهم وإخلاصهم، وإذا أسأت الظن بجارك كان ذلك مدعاة إلى قطع العلاقة بينك وبينه، وإذا أسأت الظن بمن يتعامل معك كان ذلك أدعى أن يتحرز منك، وألاَّ يتعامل معك، وهكذا.

فلا تسيء الظن، ولكن كن ذكياً، وحذراً، وفطناً، وتنبه، أما أن تسيء الظن، فسوء الظن المجرد من الكبائر التي قرنها الله تبارك وتعالى بالغيبة.

وهناك من يظن أن معاملة الكفار أو المنافقين بحذر من باب سوء الظن، أي: إذا قلت: إن الكفار لا يحبون لنا الخير، ولا يريدوه لنا، قال: يا أخي! هذا سوء ظن! أقول: لا يا أخي! فرق بين هذا وهذا، الله هو الذي قال: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً} [التوبة:١٠] أي: لا يراعون في المؤمنين عهداً ولا ميثاق، وهو -أيضاً- الذي أخبرنا أنهم لن يرضوا عنا كما قال: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] فالله قال ذلك، وليس نحن الذي قلناه، فيجب أن نعتقد فيهم ما أخبرنا الله تبارك وتعالى به، فهم يحسدوننا كما بيَّن الله تعالى ذلك بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:٥٤] يحسدوننا، ويبغضوننا، ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، وهذا ليس من الظن، وإنما هو حق لأن الله أخبرنا به.