وأما أمريكا فالعجب العجاب! أنها تخطط منذ أمدٍ بعيد على المستوى الحكومي وعلى مستوى المؤسسات، وأذكر مثالاً واحداً: مؤسسة فورد: حيث إنها تمول دراسات كثيرة، وتصدر كتباً كثيرة منذ أكثر من ثلاثين سنة، تتعلق بدراسة أوضاع العالم الإسلامي، ومستقبل العالم الإسلامي، ودور الحركة أو الدعوة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية في هذا العالم، حتى على مستوى القطاع الخاص فإن أمريكا تخطط وتفكر.
ومن العجيب أن معهداً للدراسات الاستراتيجية مشهور في أمريكا، وهو معهد بوفر؛ تحدث عن السياسة العالمية ابتداءً من نهاية القرن العشرين، ونشر ذلك قبل أكثر من عشر سنوات، وذكر فيه أن العالم سيرى قبل نهاية هذا القرن انهياراً للأنظمة الحاكمة -ونحن رأيناه الآن قبل نهاية عقد الثمانينات- وقال ضمن التقرير: 'سوف تنهار الأنظمة الموجودة في العالم: الماركسية، والشيوعية، والديموقراطية، والنقابية والنازية ' ذكر هذه الخمسة مع أن الموجود منها في الواقع هو: الماركسية والشيوعية وهما شيء واحد، والديموقراطية، لكن هكذا قال.
ثم تنبأ بأنه في نهاية هذا القرن سوف يشهد العالم كله عودة إلى الدين، سواء الكاثوليكية في أوروبا، أو العالم الإسلامي، وحذر أشد التحذير من الصحوة الإسلامية، وهذا الكلام كان قبل أكثر من عشر سنوات، وذكر على سبيل المثال، كما قال تقرير المعهد: ' أن المسلم الأسود يهدد مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن المسلمين في الاتحاد السوفيتي يشكلون خطراً كبيراً على مستقبله؛ لأنه من المتوقع أن يصل عددهم إلى (٤٠%) من سكان الاتحاد السوفيتي جميعاً قبل نهاية هذا القرن' هكذا حذر، وهذا مقتطفات من التقرير نشرها الدكتور مصطفى محمد حلمي في كتابه: الصحوة الإسلامية عودة إلى الذات (ص:١٦٧).