للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب انتقال هذه الأمراض]

كثيرٌ من الشباب وصل به الأمر إلى هذا الحال؛ بل إنهم يتابعون ويلهثون وراء أولئك الضائعين الذين لا يدرون لماذا جاءوا وإلى أين يذهبون، وأكثر من ذلك أنهم ربما يعظمونهم ويجلونهم ويقدرونهم ويقتدون بهم في مناهج الحياة.

فهؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، والذين لا يسأل الواحد منهم نفسه لماذا جئت إلى هذه الحياة، وإلى أين نذهب بعد الموت هؤلاء يتبعهم بعض شباب المسلمين ويقولون لهم: تعالوا نظموا لنا حياتنا! ونريد أن تكون حياتنا العلمية والاجتماعية، بل كل أمورنا على ما تسيرون عليه وهل يمكن للحيران الأعمى أو التائه الضائع الذي لا يجد حلاً لنفسه أن يعطي لغيره الحل؟! وسبب هذه المصيبة أن الإنسان الغربي لما نظر وتصور أن دينه هو أفضل الأديان، وأنه قد ترك دينه فقال: إذاً أنا فعلاً لديَّ هداية؛ وأصحاب الأديان الأخرى التي هي أقل من ديني يجب أن يأخذوا مني؛ لأن عندي تجربة إنسانية في بعض مناحي الحياة، وديني قد تركته؛ فمن الطبيعي أن أصحاب الديانات الأخرى يتبعوني ويأخذون ما عندي؛ لأنهم يتصورون أنه إذا كانت النصرانية ملأى بالخرافات؛ ففي الإسلام أضعاف أضعاف ذلك من الخرافات عياذاً بالله تعالى.

فهكذا هي نظرتهم، ونحن نصدق نظرتهم حين نتبعهم، ونقتفي آثارهم، ثم نسير عليها ونكِّيف أنفسنا وفقها، هذا هو الواقع شئنا أم أبينا؛ كأننا الآن نقول للعالم الغربي: لم نتخذك قدوة إلا لأنك تملك من الحق ما لا نملك، ولأنك تركت خرافات النصرانية ونحن -أيضاً- نترك خرافات الإسلام عياذاً بالله.

فهذا واقع الحال، وإن كان بعض المقلدين لهم يقولون: لا.

نحن لا نأخذ منهم الدين! إذاً فما الذي تأخذ منهم؟ ألست تأخذ منهم منهج حياتك كلها؟! وهذا هو الدين وهم لا يملكون غير ذلك، أما دينهم فقد تركوه؛ إلا ما بقي من تعصب له ضد الإسلام.

فإذا قورن دينهم بالإسلام، فكلهم يتعصبون لدينهم ويقولون: ديننا صحيح والإسلام باطل، وأما إذا قلت لهم: ما رأي العلم في دينكم؟ قالوا: ديننا باطل، من الجهة العلمية والعقلية؛ لكن من جهة مقارنته بالإسلام؛ فهو الحق وهو الصحيح؛ لأنه لا يُجوِّز تعدد الزوجات، ولأنه لا يحرم المرأة من الفواحش وغير ذلك؛ ويقولون: إن الإسلام هو الذي يقف حجر عثرة أمام الحضارة والرقي وأمام التقدم.

ومن هنا نعلم لماذا حذَّرنا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من انتهاج طريق الذين كفروا، ومن اتخاذهم أولياء عندما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:١].

فحذرنا الله من هؤلاء، ولو أنهم أرادوا أن يعطونا الهداية والحق؛ فإنهم لا يملكونه، كيف وهم يحملون علينا الحقد ولا يريدون إلا الكيد والمكر وسوء العاقبة، ولا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة؟! فلو أقسموا الأيمان المغلظة على أنهم يريدون مصلحة الأمة الإسلامية؛ لكانوا كاذبين، ولو فرض أن بعضهم أراد الخير؛ فإنه لا يملكه، فهو مثل إنسان جاهل زعم أنه طبيب، ولو أخلص وأراد أن يعالج أحداً لقتله؛ لا لأنه يريد أن يقتله؛ لكن لأنه ليس بطبيب.

فهؤلاء الغربيون ليسوا بأطباء؛ بل هم قتلة متعمدون لهذا الدين، فلا يريدون أن تعود هذه الأمة إلى مجدها لحظة واحدة، وأنا أضع أسباباً حتى يُعلمَ أن الحائر الضائع الذي لا يدري لماذا جاء وإلى أين يذهب لا يمكن أن يهدي أحداً غيره.