لو أن أحد الآن ألقى المصحف على سبيل الإهانة له لكان كفراً بلا ريب، لكن أين هذا الفعل من فعل نبي الله تبارك وتعالى موسى، فعله موسى صلوات الله وسلامه عليه غضباً لله، ألقاها لأنه لم يعد يملك نفسه؛ ألقاها ليعاقب أخاه توهماً أنه هو السبب الذي أتاح لهم ذلك، لم لم تلحقني وتخبرني وتقول لي، وبين هارون عليه السلام له عذره:{إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}[طه:٩٤] كل له اجتهاد.
الشاهد: أن ذلك وقع من نبي الله صلوات الله وسلامه عليه، وأيضاً فإنه جر لحية نبي مثله، جعله الله وزيراً ونصيراً ومعيناً، وأفصح منه لساناً، وقام معه في الدعوة، وعادة الكرام وطبعهم أن من صحبك وعاشرك وأعانك أنك لا تسيء إليه، لكنه صلوات الله وسلامه عليه من أفضل الكرام، وما خالف طبعهم، لكنه في الغضب لله عز وجل هانت عنده هذه الأمور، نسي الألواح، ونسي قدر أخيه؛ غضباً لذات الله سبحانه وتعالى وجهاداً فيه.