للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأفكار الشيطانية]

السؤال

الإنسان تعتريه بعض الأفكار الشيطانية: في أنه كيف يعلم الله كل شيء في آن واحد؟ وهل علم -مثلاً- من في المملكة، ومن في أمريكا في وقت واحد؟

الجواب

هذا أظنه لا إشكال فيه، والذي أنصح إخواني ونفسي أولاً: ألا نسترسل وراء الخواطر الشيطانية، فيأتيك الشيطان فيقول لك كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يأتي الشيطان أحدكم يقول: من خلق كذا، من خلق كذا حتى يقول له: من خلق الله؟ فقل: آمنت بالله}.

قال المتكلمون: إذا جاءك الشيطان وقال لك: كذا، فقل له: إن التسلسل ممنوع، وهذا من التسلسل الممنوع.

ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: لا تسلسل -والتسلسل ممنوع أصلاً- لكنه قال: استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وقل: آمنت بالله.

فالشيطان إذا جاءك بهذه الشبهة البسيطة، وأنت المؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأنت المصلي والحاج والمعتمر المطيع لله ورسوله، وأنت ترى آثار علم الله عز وجل، وآثار حكمة الله، وآثار رحمة الله، وترى عجائب فعل الله بالعصاة، وعجائب نصرة الله وتوفيقه للطائعين؛ فكل هذه الحقائق عندك ملء السمع والبصر، ثم يضحك عليك الشيطان بشيء بسيط كهذا! ولهذا ما علينا عند هذه الخواطر إلا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونقول: آمنا بالله، فلا نحتاج إلى أن نبحث ونرد أو نضع جواباً مقنعاً.

فالذي ينكر الشمس، وينكر أن هذا الشعاع يأتي من الشمس وهذه الحرارة، هو يحس بها هذا لا يستحق الرد؛ والحرارة سببها الشعاع، والشعاع من الشمس وصحيح أنه لا يوجد دليل؛ لكنه في الحقيقة استدلال على شيء ظاهر وبارز.

ولهذا السلف الصالح من الصحابة لم تأتهم مثل هذه الأسئلة؛ بل حتى الأعرابي الذي جاء وقال: من خلق الله؟ ثم جاء إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقال له: صدق خليلي رسول الله، فهو أعرابي من الباديةوهذا هو حالهم: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة:٩٧].

فدرجة هذا الأعرابي من العلم مثل درجة أي واحد في آخر الزمان؛ لأن القضية ليست مجرد العصر، بل هو العلم.

فالمقصود أن الإنسان الذي أنار الله تعالى قلبه لدلائل الإيمان، لا يسترسل وراء هذه الأفكار، ونحن نعيب على المتكلمين، وعلى غيرهم من المتفلسفين، ونقول لهم: كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينطق بالحق، وتريدون أن نتبعكم في أدلة عقلية قد تضعف وقد تقوى؟! فنحن عندنا براهين أقوى من ذلك، وأنتم تريدون إثبات أن الله تعالى موجود، وهذا الجهد لا نحتاج إليه؛ لأن هدفكم في غير طائل فمن الذي أنكر وجود الله؟ وهل نحتاج نحن المسلمين أن نكرر أن الله موجود؟! بل نحن نحتاج أن نكرر أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو وحده المعبود والمألوه والمطاع والمتبع، هذا هو الذي نحتاجه.

وهكذا من أمثال هذا السؤال.