[الحذف في المستوى الخامس الابتدائي]
التوحيد حذف منه (٣٠%) حذفت المسائل الأربع المهمة الواردة في سورة العصر، والتي هي: العلم والإيمان والعمل والدعوة إليه والتواصي بالصبر عليه، فلماذا حذفت هذه؟ وما الذي يخسره الطالب إذا قرأها وحفظها؟ حذفت أيضاً المسائل الثلاث المهمة في التوحيد: وهي الغاية من الخلق وأن الله لم يخلقنا هملاً، ولم يخلقنا عبثاً، والنهي عن الشرك, وحذفوا وجوب المعاداة في الله والبراء من الشرك وأهله , ولم يستبدل بها أي شيء أيضاً, فلماذا تحذف الآيات والمقررات والأحاديث التي تتحدث عن الولاء والبراء، ونحن نرى المسلمين يذبحون في كل مكان؟! فتارة يقتلهم النصارى في البوسنة والهرسك , وهناك في إفريقيا أكثر من دولة يباد فيها المسلمون كما في بعض دول غرب إفريقيا , وتارة يبيدهم الهندوس إبادة كاملة كما في كشمير , وكذلك في بورما وفي غيرها, وتارة تبيدهم الشيوعية، كما في طاجكستان وفي أماكن أخرى، وأينما اتجهت تجد أتباع الديانات المحرفة يبيدون المسلمين في كل مكان, ونحن نحذف ما يتعلق بالولاء والبراء ومعاداة الشرك وأهله! الفقه حذف منه (٥٠%)؛ فقد حُذِفَ المسح على الجورب، وهذا مهم, والناس مقبلون على الشتاء, صحيح أن بعض المناطق مثل: مكة وجدة لا يحتاجون الجوارب؛ لأنه لا يوجد برد عندهم، لكن الناس يحتاجون مثل هذه الأحكام حتى الصغار منهم, وقد حذف حتى مدة المسح وبدايتها ونهايتها, وهو حكم ليس بصعب, وحذفت آداب المشي إلى الصلاة جميعاً, وحذفت صفة الصلاة كلها, ويستصعبون على الطالب في الصف الخامس أن يقرأها كلها، ولو قرروا ذلك في الخامسة ثم أعادوه في السادسة وأول متوسطة, ولكن بتفصيل أكثر, أما أن تحذف حذفاً كلياً فلا يدرس الطالب كيفية الصلاة, فماذا يدرس إذن؟! وماذا يهمه إذن من الفقه ومن حياته؟! وقد حُذِفَ حكم صلاة الجماعة, وهو الوجوب، وبقي ما يدل أنها سنة فقط؟ وهم يريدون -حسب ظنهم- ألَّا يكون الطالب متطرفاً، لا يقول لأبيه: المؤذن يؤذن وأنت تصلي في البيت؟ فلذلك حذفوا ما يدل على أن صلاة الجماعة واجبة، بل ينقدح في ذهنه أنها سنة ومستحبة, فيكون طالباً معتدلاً، قد ربي على الاعتدال مع اليهود والنصارى ومع تاركي الصلاة, ومع المتخلفين عن الجماعة, ويكون شجاعاً على الدعاة فقط؛ لأن هؤلاء هم المتطرفون وهم الأعداء, أما بقية الناس فهم يعاملون بالحكمة والنصيحة.
وبعد هذا -كما ذكر الأخ الذي كتب هذا وهو متخصص- يقول: الذي تولى الحذف والتعديل شخص واحد غير متخصص، لكنه أجاد دوره, فهو يعرف ماذا يحذف، الانتقاء واضح فليس خبطاً عشوائياً!! يقول: رغم أن العلوم الدينية الأربعة: التوحيد، والحديث، والفقه، والتجويد، مجموعة في كتاب واحد, يقل حجمه عن كتاب الرياضيات أو العلوم، إلا أن الحاذف قد أثخن فيه حذفاً وشطباً وإلغاءً, حتى أنه ألغى من كتاب سنة رابعة (٣٠ %) من الفقه, و (٧٥%) تقريباً من التجويد, حتى القرآن لماذا؟ لأن العصر عصر كمبيوتر, وهو عصر التغيير! وهي نفس الحجة التي قالها مشعل السديري أو غيره ممن يكتبون في عكاظ , ممن يُسر ويعلن أنها مناهج ثقيلة, وللعلم أنهم بعد تخفيض المنهج بدءوا يقولون: المنهج صغير.
إذاً فهو لا يحتاج إلى كل هذه الحصص، لا بد أيضاً من تخفيض الحصص، فالغرض هو التخفيض المستمر.
ومن أعجب التخفيضات أنك تجد الطالب في الفصل الدراسي كله يحفظ سورة واحدة, كالغاشية أو عبس أو الانشقاق أو غير ذلك, في فصل دراسي كامل.
حتى أن بعض مدرسي التربية الإسلامية يقول: والله لا أعرف ماذا أُسَمِّعُ في الحصة؟ آية أو نصف آية؟! كيف أوزعها؟! الطلاب في هذه المرحلة يستطيعون أن يحفظوا كل شيء, لأن عقولهم مهيأة، وهم أذكياء؛ لأنهم من أبناء هذه البلاد الأصيلة التي هي معروفة بالحفظ، وهم يقولون: الحفظ يشتت الذهن, ولكنهم لا يقبلون هذا الكلام في الرياضيات ولا في الكيمياء, فترى الطالب يحفظ المعادلات التي لا يحتاج إليها في حياته أبداً, وبمجرد أن يتخرج ينساها, والكثير ممن تخصص في الرياضيات أو في غيرها ثم تخرج، فتسأله عن بعض المعادلات، فيقول لك: درسناها قبل ثلاث سنوات, ولا يتذكر منها شيئاً، كما أنه لا يستفيد منها شيئاً ولا يطبقها في حياته, ولن يستخدمها طوال عمره لا في بيته ولا مع الناس.
وهناك أحكام علمية شرعية يحتاجها في عباداته لا يدري عنها شيئاً، وكتاب الله أجل من ذلك وهو أعظم لا يُحفَظُ منه في الفصل الدراسي إلا سورة واحدة! فأصبحنا ننظر إلى الدنيا على أنها هي الأساس ونعظمها، وبعضنا يقول: نحن والحمد لله مجتمع التوحيد وبلد التوحيد, حتى إذا لم ندرس الدين فليس هناك مشكلة! سبحان الله! إنها أماني، وقد قال الله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} [النساء:١٢٣].
إن الإنسان الذي لا يعرف التوحيد ولا مقررات التوحيد, ثم يقول: "الحمد لله! نحن من بلاد المسلمين" هو إنسان خدعته الأماني.
وإذا ألغينا مقررات الفقه بحجة أن بلادنا بلاد الإسلام، ولم نعمل بالشريعة لأننا بلاد الشريعة؟ وإذا ألغيناها وعملنا على هوانا فلن تنفعنا الشعارات، ولا يريد الله منا هذه الشعارات، كما قال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣] المسألة مسألة حساب بين يدي الله.
وإن اليهود هم الذين قالوا: "نحن شعب الله المختار, كما قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة:١٨] والصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- ما قالوا هذا, وفي جيل الصحابة في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لم يقل الناس: نحن أصحاب الإسلام وأهل الدين وأهل التوحيد, فكل عمل نرتكبه فلا حرج.
والآن إذا قلت لأحدهم: اتق الله! لِمَ تفعل هذا؟! أو قلت: هذه المصائب زادت عندنا، قال: نحن أحسن من غيرنا! لا تنظروا إلا إلى هذا الجانب, ذهبت أمور كثيرة وضاعت أصول عظيمة, والكذب والتحريف وصل إلى مقررات التوحيد في مناهجنا, وما زلنا نقول: أهل التوحيد , بلاد التوحيد, عقيدة التوحيد إلى آخر هذه الشعارات التي لا تنفع إلا بالعلم والعمل والدعوة والصبر على العداء في سبيل هذه الدعوة.
أما ما يقال من أن هدف التعديل هو التيسير على الطلاب -وهذا ما يُذكر في الصحف- فهذا كلام غير صحيح، فإن التيسير لا يكون بحذف الموضوع بأكمله، وإلا فلماذا لا يستخدمون هذه الطريقة في الجبر والكيمياء؟ بل إنهم في هذه المواد يريدون أن يضيفوا بعض الإضافات.