إذا جلست عند جماعة ودعوتهم إلى صلاة الجماعة، ولكنهم رفضوا الذهاب إلى المسجد؛ لأنهم مشغولون بلهو كالنظر في مباراة كرة القدم في تلفاز أو ورقة لعب، ثم صلوا جماعة في مجلسهم؛ فهل يجوز أن أرجع إليهم وأجالسهم وأتحدث معهم، أم أعتزلهم نهائياً؟
الجواب
كِلا طرفي قصد الأمور ذميم، فلا تكون الجفوة النهائية ولا ينبغي هذا، وخاصة إذا كانوا زملاء أو أقرباء، والاحتكاك بينك وبينهم وارد، ولا ينبغي أيضاً أن ترجع إليهم -وكأنهم لم يفعلوا أي شيء- فتجلس معهم؛ بل لا بد أن تنكر عليهم وأن تحثهم على الذهاب إلى المسجد؛ ثم تعيد لهم الكَّرة بعد رجوعك إليهم؛ ثم تبين لهم الخسارة التي لحقت بهم؛ لأنهم صلوا هنا ولم يصلوا في المسجد، وتبين لهم حكم صلاة الجماعة، وتذكر لهم أحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي توعد فيها المتخلفين عن صلاة الجماعة.
فصلاة الجماعة أمرها خطير لا كما يقول بعض الناس: صلاة الجماعة سنة، أو فرض كفاية، وأضرب لكم مثالاً من الواقع؛ حتى تعرفوا أهمية صلاة الجماعة: في بعض الدول التي ينتشر فيها مذهب من المذاهب التي تقول: إن صلاة الجماعة سنة، تهاون الناس بالأذان وصلاة الجماعة، وحتى المساجد لم يعد لها ذلك الوقع والاهتمام -كما حصل في تركستان والأندلس وغيرها- فجاء أعداء الله إلى هذا البلد، فهدموا المساجد، ومزقو المصاحف، -وأكثر الناس لا يعلم ذلك فانقطع الأذان في المسجد، وأكثر الناس لا يهتم لذلك؛ لأن الأصل عندهم أن صلاة الجماعة سنة.
لكن الأمة التي تعرف أهمية صلاة الجماعة وأهمية المسجد، لو جاءت في يوم من الأيام والمؤذن قد أضاع المفتاح؛ تجدها تتعجب لماذا المسجد مغلق؟! ولماذا لم نُصلِّ اليوم؟! فهذه أحست أن هناك شيئاً فُقد، وهو أنهم لم يصلوا في المسجد.
فتجد أنهم يبذلون كل جهدهم ليبنوا مسجداً أو ليوسعوا مسجداً، ويهتمون به وبنظافته وبإمامته وبكل شيء؛ وذلك لأنهم يقدرون أهمية المسجد وأهمية صلاة الجماعة؛ ولهذا اقتطعت أطراف بلاد الإسلام التي تهاونت بصلاة الجماعة وبسهولة؛ لأن الناس لا يجمعهم جامع ولا تربطهم رابطة؛ ولأن شعائر الإسلام الظاهرة محيت رويداً رويداً حتى اضمحلت نسأل الله العفو والعافية.