[خلافة علي بن أبي طالب وما فعله اليهودي عبد الله بن سبأ]
وبعد ذلك لما تولى الخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل عبد الله بن سبأ في جيشه هو وأصحابه، وأظهروا أنهم يحبون عليّاً، وأنهم يريدون أن يعطوه حقه وقدره الذي هضمه وظلمه الثلاثة الخلفاء الراشدون الأولون، وهذا هو المدخل الذي أرادوا منه أن يشعلوا الفتنة، وكانت معركة الجمل، وقد ثبت أن من قتل فيها من كبار الصحابة كـ طلحة والزبير إنما كانت تلك الفتنة وتلك المعركة بتحريش من السبئية من أصحاب الفتنة، أمثال هذا الرجل.
ثم لما أن ظهر أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- على الكوفة وعلى العراق جاء أولئك وأخذوا يبثون في صفوف أتباعه تلك العقيدة، وحصل من بعضهم ما عرف وكشف وهو أنهم جاءوا إليه رضي الله عنه وهو خارج، فلما رأوه سجدوا له، وقالوا: أنت هو؟! قال: من هو؟ قالوا: أنت الله!! يقولون هذا لـ علي رضي الله عنه فتعجب كيف يوجد مسلم أو إنسان يظن أن الله هو أحد البشر!! فغضب وأمر أن تحفر الحفر وأوقد فيها النيران وأحرقهم فيها، فلم ير لهم من عقوبة أزجر من ذلك، ولم ير أن يعاقبوا بأقل من ذلك، لشناعة وفضاعة ما يقول هؤلاء، كيف يعتقدون أنه إله! ثم أراد أن يقتل عبد الله بن سبأ ولكنه نفاه إلى بلاد فارس ليتقي شره، ولأنه خشي إذا قتله أن تثور الفتنة؛ لأن أصحاب الفتنة متوافرون في جيشه، وهو يريد أن ينهي الأمر مع أهل الشام، وحصل ما أراده الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لحكمة يعلمها، وهو أنه في تلك البقعة التقى الحقد اليهودي الذي يمثله عبد الله بن سبأ مع الحقد المجوسي الذي كان كامناً ومستقراً في قلوب أولئك، لأن الإسلام قد هدم ملكهم، وشل عروشهم، ومزق حضارتهم وبلادهم، وهم المجوس الفرس، وكما تعلمون أن اليهود يعيش منهم طائفة كبيرة في تلك البلاد، فمن علامات صدق نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وكل ما نراه من سيرته فهو دليل على صدقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه لا ينطق عن الهوى- أنه قال كما في الحديث الصحيح:{يتبع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان -أو أصبهان- عليهم الطيالسة} هذه المدينة فيها أكثرية يهودية وفيها أيضاً من نواح أخرى يهود، هؤلاء اليهود هم كهنة ذلك الدين الذي نشأ ليطعن دين الإسلام وليدمره تحت ستار التشيع.
فـ عبد الله بن سبأ وجد في الحقد المجوسي بغيته، وأخذ ينشر فيهم هذه العقيدة الضالة الفاسدة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا حباً وتعظيماً لـ علي ولكن لغرض هدم الإسلام، ودخل هو واليهود الذين معه، وأدخلوا معهم هذه الأمة التي كانت جاهلة وحاقدة، إلا من اهتدى منهم.
ونحن لا نتكلم على من اهتدى، وقد اهتدى منهم كثير -ولله الحمد- لكن حصل أن هؤلاء جميعاً دخلوا في هذا الدين الذي يسمى دين التشيع، ومنذ ذلك الحين ابتدأت الأمة الإسلامية في حرب لا هوادة فيها مع هؤلاء المجوس المتسترين.
وعندما يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمراً فإنه يهيئ له أسبابه، وكان مما أراده الله سبحانه وتعالى أنه لما جيء ببنات كسرى سبايا فتزوج بعض آل البيت منهن، وكان من ذلك أن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- تزوج إحداهن، وأنجبت له زين العابدين علي بن الحسين، فكان علي بن الحسين أمه فارسية بنت كسرى، وأبوه الحسين بن علي بن أبي طالب فكان هذا سبباً رئيسياً في أن يعتقد عوام هذه الأمة أنه فعلاً أحق الناس بالخلافة هم هؤلاء آل البيت، ولا يوجد عندهم خليفة أو إمام إلا وهو من ذرية هؤلاء.
يقولون: إن الإمام علي هو الأول، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم من بعده من ذريته زيد بن علي بن الحسين إلى أن يصلوا إلى الإمام الحادي عشر الإمام الحسن العسكري، ثم الثاني عشر الذي اختفى في السرداب كما يزعمون، هذه الخرافة التي لا يصدقها عاقل لا في القديم ولا في الحديث.