هناك أحد الإخوة يريد أن يعرض علينا بعض ما سماه (نبذة عن تدهور الغرب) من خلال واقع عاشه أثناء دراسته في أمريكا، فليتفضل: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
أنا آسف لأني قد أخذت من وقت المحاضر، ولكن هناك بعض الأمور تدور في خاطري فأحببت أن ألقيها على مسامعكم، فأسأل الله عز وجل أن ينفع بها.
في الواقع إن لما سأذكره صلة بالموضوع وإلا لما طلبت ذلك، ففي أثناء دراستي للماجستير في الولايات المتحدة كان هناك من المواد التي درستها مادة اسمها (الإعلام)، وأتى المحاضر بشريط فيديو وعرض علينا هذا الشريط واستمر العرض لمدة ساعتين، وكان يعرض فيه جميع أنواع الإعلانات في التلفزيون الأمريكي، وطلب منا كطلبة أن نأخذ ملاحظات على كل إعلان من هذه الإعلانات، فعندما أتاني الدور وقال لي البروفسور: أعطني ملاحظاتك على ما رأيت من إعلانات، فقلت له: لدي ملاحظتان فقط: الملاحظة الأولى هي: سوء استخدام المرأة في الإعلان، وما أن انتهيت من كلمتي هذه إلا وقلن البنات اللاتي كن في الصف: هو محق نحن مظلومات في هذا المجتمع، المرأة تستخدم استخداماً سيئاً في هذا المجتمع، وما يقوله نحن نعانيه، فإذا بأحد اليهود -وهو من الطلبة وقد كان جالساً معنا- ضج لهذه القضية، وكأنهم سبحان الله العظيم هم وراء هذا، فما استطاع أن يمكث في الفصل وخرج، ثم ضج بعد ذلك الفصل وأخذوا يتكلمون بين معارض ومؤيد، ولكن البنات أجمعن على أن ما تحدثت به هو الحق، وأن المرأة تستخدم استخداماً سيئاً في الإعلام.
وحتى ألطف الجو قلت له: أريد أن أنقد إعلاناً آخر من الإعلانات التي رأيتها، وهو يدل على تدهور الحضارة الغربية، وهو أن هناك إعلاناً يأتي على الشكل التالي: تأتي إحدى السيارات تنحرف يميناً وشمالاً، ثم تأتي سيارات الشرطة من كل جانب لتحيط بهذه السيارة وعنوان هذا الإعلان: ' if you drink its your business but if you drink and drive its our business' ومعناه أنك تشربت الخمر بحريتك، لكن إذا شربت الخمر وقدت السيارة فإننا سوف نمسك بك.
فالحاصل أن هذا الإعلان لا يؤدي دوره، لأن الذي يشرب الخمر يفعل الأفاعيل، فقد يزني بأمه -والعياذ بالله- وقد يقتل أمه وقد يقتل أباه، فما بالك بمن يركب السيارة ويسوق، فأنت لم تعالج قضية شرب الخمر بل عالجت ظاهر القضية وهي أنه إذا شرب الخمر لا يركب السيارة وهذا شيء غير صحيح، فتلطف الجو عندما ذكرت هذا النقد الثاني.
والحقيقة أن التجارب التي رأيناها كثيرة، وهي التي أثبتت فعلاً أن المستقبل لهذا الدين، وأبشركم بشارة أنه لا تكاد تخلو مدينة في الولايات المتحدة الأمريكية من وجود مسجد يُعبد فيه الله عز وجل، بل إن هناك إحصائية قالها أحد المسلمين وهو بروفسور في جامعة نيويورك قال: إنه لا يوجد مسافة أطول من خمسين ميلاً في الولايات المتحدة في جميع الاتجاهات إلا ويوجد فيها مسجد، فهذه من البشائر التي تدل على عودة هذا الدين، أقول قولي هذا واستغفر الله.
قال الشيخ سفر: شكر الله للأخ، وأنا واثق ثقة تامة أن كل من عاش أو ابتعث إلى الغرب -وهم منكم كثير بحكم عملكم- فإنه لو وقف هنا لجاء بمثل ما ذكره الأستاذ عبد الرحمن، وأكثر العجائب والغرائب لا تنتهي في تلك البلاد، وكلها -ولله الحمد- دلائل ومبشرات ومؤشرات على أن المستقبل هو لهذا الدين، وعلى أن التبعة علينا نحن المسلمين عظيمةً جداً في إصلاح الإنسانية وفي قيادة الإنسانية، وأنه قد آن الأوان لنا أن نقود الجنس البشري:
قد هيئوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل