[انحرافات في الولاية]
من أكبر الأخطاء التي ارتكبها الصوفية وغيرهم ممن لا يدري: أنهم وضعوا أدعية، وأوراداً وأذكاراً في كتيبات، أو في أوراق، ونشروها بين الناس، ويقال: من قرأها فإن له كذا وكذا، مما لا أصل له في الدين، فيشتغل الناس بها عن القرآن، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الكفر والعياذ بالله.
فـ التيجانية يقولون مثلاً: من قرأ صلاة الفاتح خيراً له من أن يقرأ القرآن ستة آلاف مرة، وهذا كفر لا شك فيه، وكلما وجدوا شيئاً غير القرآن يجعلون قراءتها خير منه؟ مادام هو مذنب قولوا فرضاً: من قرأها خير له من أن يتصدق بألف دينار -مثلاً- لكن تقول: خير من أن يقرأ القرآن، هل يعقل هذا؟!!! إنك مهما ابتدعت أو اخترعت أو اختلقت من أذكار، فلا يمكن أن تكون أفضل من القرآن، ولا يمكن أن تأتي بشيء أفضل من القرآن أبداً.
وأقول: كثير منهم لا يصل إلى هذه الدرجة من الكفر -والعياذ بالله- لكن واقع الحال عندهم أنهم يأتون بأدعية وأوراداً يقرءونها في الصباح والمساء، ومن هذه الأحراز الجوشن الكبير، والجوشن الصغير، والحصن الحصين، والحصون المنيعة، والعهود السبعة، وأشياء كثيرة منها ما لا أصل له، ومنها ما له أصل، لكن ليس بهذه الكيفية وبهذه الهيئة، ومنها ما يكون جملة من الآيات اختارها صاحب الحرز، لكن لم يرد الشرع بتحديد هذه الآيات، فيشتغل بهذه الآيات عن بقية القرآن أو عما فضله الله، نعم هو من القرآن، لكن هل يستطيع أحد أن يفضل شيئاً من القرآن على شيء من غير أن يبينه الله.
فمثلاً: الله عز وجل هو الذي أخبرنا أن آية الكرسي أفضل الآيات، وأن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وأن الفاتحة أفضل السور، فنحن حتى في هذه نتبع ولا نبتدع، ولكن نقرأ القرآن، ونتلذذ به كله.
وإن من أكثر ما يحول بين الناس وبين الخير إما صاحب فجور وشهوة، فيحول بين الناس وبين القرآن، بالغناء، والمزامير، والموسيقى، والأشعار، والقصص وما لا خير فيه، كما تشاهدون الإذاعات في آخر الليل، إذا قرب الثلث الأخير، تجد فيها الغزل والأشعار والهوى والحب سبحان الله العظيم؛ لأن قلوب الناس، ترق في تلك الساعات، فهم جاءوا إليها يرققوها بشيء رقيق، لكنه شهوة وفتنة، هذا هو الجانب الأول.
أما الجانب الثاني: الذي يأتي ليسد الحاجة لكن بغير الحق، كالذي يطعم الجائع نشارة الخشب، أو يطعمه ما لا يغني ولا يشبع.
فهؤلاء الذين وجدوا الناس محتاجين إلى الذكر ويريدون المناجاة، أعطوهم هذه الأوراد البدعية، والأذكار غير المشروعة، وقالوا لهم: اقرءوها في الصباح، واقرءوها في المساء، واقرءوها إذا قمتم في الليل، واقرءوها قبل أن تناموا إلخ، فأطعموهم مالا يغذي.
والحق: أن القلوب إنما يكون غذاؤها وترنمها، وحياتها، وروحها، وريحانها، وشفاؤها بقراءة كلام الله عز وجل.
حتى وإن قل التعبد بشيء من الحق ومن الخير فلو لم يقم العبد إلا بعشر آيات، ولو لم يقرأ إلا قل هو الله أحد، ولو لم يقرأ إلا آية الكرسي فهذا خير، لكن كلما زاد فهو خير له، ولهذا جعل الشيخ رأس النوافل قراءة القرآن.
نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلني وإياكم ممن يتلونه حق تلاوته ويتلذذون بذكر الله تعالى به، وبمناجاته بقراءته إنه سميع مجيب.