للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تفضيل الكفار على المسلمين]

السؤال

فضيلة الشيخ يقول بعض المسلمين: إن الكفار أفضل من بعض المسلمين، ويقصد أن الكفار لا يغشون ولا يخدعون، أفيدونا في مثل هذه المقولات، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

ذكر العلماء -رحمهم الله- في أنواع وألفاظ الكفر -وهذا في القديم قبل عصر الحضارة الغربية- أن يقول رجل: اليهود أفضل من المسلمين؛ لأنهم يعطون أجرة المعلمين قبل المسلمين، حيث كانت رواتب المدرسين ليست مثلما الآن من الوزارات، فكانوا في حلقات مجانية، واليهود دائماً تجار وكانوا يحرصون على تعليم أبنائهم، لأنهم أقلية والمسلمين أكثرية، والأقلية دائماً تحرص وتجتهد أنها تنافس الأكثرية، واليهود يدفعون قبل المسلمين، وكان المسلمون كما هم الآن لا يهمهم تعليم أبنائهم، فكان يقول بعض المعلمين وبعض المؤدبين: اليهود أفضل من المسلمين، ويبين سبب الأفضلية؛ لأنهم يدفعون أجرتهم قبل المسلمين، وقد ذكر العلماء ذلك في كتب الفقه، وأن هذا من الكلمات المكفرة، عافنا الله وإياكم.

فمن أجل دينار أو درهم تجعل اليهود أفضل من المسلمين! إذاً العقيدة عندك بعد الدينار والدرهم، وأهم شيء عندك الدينار والدرهم، وبعد ذلك الدين أو العقيدة أو الإيمان، وكذلك اليوم إذا قلنا عبارة مشابهة: الكفار أفضل من المسلمين، لماذا؟ قال: لأنهم لا يغشون ولا يكذبون.

أولاً: الكفار يكذبون ويغشون ويسرقون وينهبون لكن على غير طريقتنا، فالكافر لا يأكل مثلنا مائة ألف أو عشرة آلف رشوة، لكن الكافر يأخذ المشروع الذي يمكن تنفيذه بمليون ريال وينفذه بمائة مليون أو بخمسين مليون، فهذا ليس غشاً في ظاهر الحال، فهو عقد وقَّعناه معه، لكنه في الحقيقة غش مدروس، غش الأذكياء والمتحضرين لا غش المتأخرين والرجعيين، فمن قال: إن الكفار لا يغشون فقد أخطأ.

وأضرب لكم مثلاً: المياه الإقليمية، جميع دول العالم اثني عشرة كيلو متر والولايات المتحدة مائتين كيلو متر لماذا؟ أليس في هذا غش؟ إذا سقطت طائرة فيها خمسمائة راكب، قالوا: أنقذوا منهم الأمريكيين وإن اختطفوهم وسلموا أجروا المقابلة مع الأمريكي فقط، وهذه الشعوب أليست بشراً؟ فهم يغشون بل أكبر غش، وعندهم أكبر عنصرية في كل أمورهم.

وقد تقع مشكلة في أبعد بلدان العالم، وتكون فتنة داخلية قامت، وإذا بالكفار يتدخلون فيها ويعطون هذا السلاح، وهذا يدعمونه لهدم هذا البلد، ولتأجيج الفتنة ولينفذوا مخطاطتهم.

فالكفار لا يأكلون فرداً ولكن يأكلون شعباً بأكمله، فالكفار يتسببون في أن شعباً من الشعوب ينكب نكبة عظيمة في كل موارده وخيراته، فإذا نكب أرسلت عندهم الجمعيات الخيرية لجنة للإغاثة والإنقاذ، لكن من الذي نكبه في الأصل؟ هم، فيأتي ويقول: يا أخي، هم يبعثون فرق إغاثة وإسعاف مجانية، وهؤلاء الكفار أمرهم عجيب، هذا إذا لم تستخدم هذه الفرق في التبشير وإخراج أولئك عن دينهم.

فنحن نغفل عن أشياء كبيرة، الواحد منا الآن إذا كان في صندوق فإنه يحسب نفسه محبوساً، لكن إذا كبرنا الصندوق -مثلاً- أصبح مائة متر مربع فإنه يرى نفسه لم يحبس، فالكفار عرفوا كيف يمددون صندوقهم فيستوعب العالم كله في أيديهم، والعالم يقول: إنه حر، وأنه يتنفس كما يشاء، وهو لا يخرج أبداً عما يخططون ويريدون.

إذاً: لا يجوز أبداً تزكية الكفار، لأن الواقع يكذب ذلك، ولأن ما أخبر الله به عنهم هو كذلك، إلا كأفراد إن وجد منهم فرد لم يغشك، فتقول: هذا الكافر تعاملت معه ولم يغشنِ في كذا، لكن أن تقول: إنه أفضل من المسلمين فلا يجوز هذا، وتفضيل الكافر على المسلم هو من ألفاظ الكفر -والعياذ بالله- ولو أنك قلت لمسلم: أنت مسلم والغش لا يجوز، وكيف تغشني وهذا الكافر لم يغشني؟ تريد أن تزجره وتبين له لكان أفضل، ولكان كلامك صحيحاً؛ لأنك تقول: أنت يا مسلم! كيف تغشني، والكافر الذي لا خير فيه لم يغشني؟ أما أن تقول: إنه خير من المسلم فلا، فإنه لا خير فيهم أبداً، فإن الكفار يريدون ألَّا يبقى لنا مال ولا جاه ولا أخلاق ولا حتى صحة، ولا شيء إلا نهبوه، لكن بطرقهم وبأساليبهم.

فيجب علينا أن نجعل ولاءنا لله ولرسوله وللمؤمنين، ونخلص في عداوتنا ونمحضها للكافرين أياً كان دينهم.