قال بعض الناس في الحديث الذي يقول فيه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عندما جاء رجل يسأله عن أبيه، فقال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{أبي وأبوك في النار}، فقال هذا الرجل: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك وهو عضبان، ولكن نرجو أن يكون أبُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنة؟
الجواب
هذا الكلام من التأويل الباطل الذي يفسد الحديث، لأن الله سبحانه قد برأ نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أن يقول الكذب، حتى وإن قلنا أنه قال قولاً وهو غضبان، لأن الله سبحانه يقول:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣ - ٤] فمن يؤول ذلك ويقول أن حديث {أبي وأبوك في النار}، قال ذلك وهو غضبان فهذا كذب، ولو أن شخصاً قال لك -حتى وهو غضبان- سأعطيك كذا لو فعلت كذا وكذا، وتبين لك خلافه، فتعتقد أنه كذب عليك، وإن كان قالها وهو في حالة غضب، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينطق عن الهوى.
ولهذا لما كان بعض الصحابة يكتب حديثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال بعضهم الآخر:{تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم -فهل قال: اكتبوا عني في الرضا؟ ولا تكتبوا في الغضب؟ - قال: اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج مني إلا الحق} ثم إن الحديث ليس فيه غضب: {أبي وأبوك في النار} هذا الحديث ليس فيه غضب ولا ما يستدعي الغضب، فلا يرد كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الواضح الصريح بأقاويل الناس كائناً من كان.