نقول: المسلمون إذا أرادوا أن يجاهدوا في سبيل الله، وكان لهم أعداء، وكان الأعداء نوعين: النوع الأول: مرتدون كبني حنيفة الذين كانوا مع مسيلمة ومن معه.
النوع الآخر: كفار صرحاء مثل الروم أو الفرس، فبأي العدوين يبدأ المسلمون؟ لا ينبغي أن يوجد خلاف في أن أهم وأوجب القتال هو قتال المرتدين قبل قتال العدو الخارجي، فلو وجد عندنا قوم تجمعوا على بدعة من البدع، وكانت لهم شوكة ومنعة، وفارقوا بها جماعة المسلمين فأيهما أولى: قتالهم أو قتال الروم والفرس؟ قتالهم أولى، والدليل أن الصحابة -رضي الله عنهم- قاتلوا الخوارج وأجمعوا على قتالهم؛ لأنهم تجمعوا على بدعة فارقوا بها جماعة المسلمين، أرأيتم لو أننا فتحنا أرض فارس كلها، وتركنا الخوارج فدخلوا وأفسدوا دين الإسلام الذي في فارس والذي في جزيرة العرب، ماذا نستفيد لو كان المسلمون على دين الخوارج؟ لم نستفد شيئاً، بل ضاعت بيضة الدين وحوزته، فكون الروم أو الفرس يقاتلون هذا مكسب؛ فلا نضيع بيضة الدين، ونضيع رأس المال من أجل المكسب.
فأول ما يجب أن يبدأ به في القتال هو قتال أهل البدع المارقين الذين يجتمعون ولهم منعة وشوكة، يخرجون بها على صفوف المسلمين، وأعظم من ذلك قتال المرتدين ردة صريحة كاملة كبني حنيفة وأمثالهم، ولو طبقنا هذا على واقع الأمة الإسلامية نجد أن الباطنيين والملاحدة -جميعاً في أي بلد وجدوا- هم أولى بالقتال من العدو الخارجي الذي هو شرقي أو غربي، فهم أولى الناس به.