{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١]، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الأمين، الذي دعا إلى الله حق دعوته وجاهد في الله حق جهاده، وكان قدوةً ونموذجاً ومثالاً لما يريد الله -تبارك وتعالى- من الدعاة إليه إلى أن تقوم الساعة، وبعد: فنشكر الله تبارك وتعالى الذي وفقنا وإياكم إلى أن نكون من الدعاة إليه، السائرين على منهج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعوة، وأسأل الله عز وجل لنا ولكم الثبات والإخلاص والعزيمة، إنه سميع مجيب.
إن أمر الدعوة إلى الله من الفقه، وفقه الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ليس من الفقه الكبير؛ أي: من فقه الأحكام والفروع، بل من فقه الأحكام الأكبر؛ الذي هو: توحيد الله تبارك وتعالى؛ وذلك لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، فلما كان أشرف شيءٍ وأعظمه في هذا الدين هو توحيد الله تبارك وتعالى، وكانت الدعوة وسيلة إلى توحيد الله، فإنها تكون أعظم الفقه، فهي من الفقه الأكبر الذي يجب على الدعاة إلى الله وعلى طلبة العلم أن يعرفوه، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين}.
إن منهج الدعوة إلى الله دين، فهو لا ينفصل عن التوحيد ذاته، وعن الأوامر الربانية، فهو من جملتها، وهو منهج اتباع لا ابتداع.
إن هذا الدين أنزله الله تبارك وتعالى لكل زمان ومكانٍ، وفرضه على البشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالأحوال تختلف، ولكن الذي لا يتغير أبداً هو هذه الأصول الثابتة في الدعوة إلى الله، والتي لو اتفق عليها الدعاة إلى الله، وسار طلبة العلم على نهجها لما اختلفوا إلا فيما يجوز الاختلاف فيه.