للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مراتب الإنكار]

السؤال

كثير من الناس يلومون بعض الدعاة على إنكاره بعض الأمور، ويقولون: يكفيك أن تنكر بقلبك، فأرجو أن توضحوا مراتب الإنكار باليد واللسان والقلب، وكيف يكون مراتب الناس على حسب أحوالهم؟

الجواب

الذي يلوم هو محاد لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه} شاء ذلك أم أبى!! فهو يحاد قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي رتَّب الإنكار بحسب الاستطاعة، أنت في بيتك يجب أن تنهى وتأمر بيدك، لأنك في بيتك، أنت في إدارة المدرسة أو رئيس الإدارة فلتغير المنكر عملياً، فإن لم يكن كذلك كأن تكون فقط إماماً في الحي، ولا تستطيع أن تغير فيه إلا باللسان، فيجب أن تنكر بلسانك، أما الإنكار بالقلب فهذا أدنى المراتب، وهو لمن لم يستطع المرتبتين الأوليين، ولهذا قال: {وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل}.

ثم ما معنى الإنكار بالقلب؟ الإنكار بالقلب ليس معناه: أن أعلم أنه حرام، وأن أعلم أنه منكر، فهذه معرفة القلب، وهناك فرق بين مجرد المعرفة وبين الإنكار، الإنكار معرفة مع شعور بالواجب وإحساس بالألم، كما قال بعض السلف: [[وددت لو أن جسمي يقرض بالمقاريض، وأن أحداً لم يعص الله عز وجل]]، يتمنى أن يقرض جسمه ولا يرى معصية.

فيجب أن تكون لديك غيرة على محارم الله، وغيرة على حدود الله، يتقطع قلبك ويتألم أن ترى المنكر، ولكن لا تستطيع أن تقول: إنه منكر، ولذلك تغضب ويتمعر وجهك، وتدعو الله أن يزيل هذا المنكر، وتبحث عن وسيلة لكي تستطيع أن تغير باللسان وهكذا.

هذا الإنكار بقلبك، ليس كإنكار الغافل الذي يمر على المنكر ويقول: أعلم أنه حرام، ثم يذهب، فهذا حال أدنى المراتب؛ فما بالك بما فوقها من المراتب؟! د فالإنكار هو على هذا المنكر هداه الله.