العلماء واجبهم عظيم، وهم -كما نص السلف الصالح - من أولي الأمر، الذين أوجب الله تبارك وتعالى طاعتهم، قال تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}[النساء:٥٩] وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ أنهم الأمراء والعلماء، فالعلماء هم -أيضاً- ولاة على الأمة في أمر عظيم.
لأنهم الحارس والرقيب؛ ولأنهم الأمين والمؤتمن على كل ما يتعلق بالأمة.
إن لدى الدول الجاهلية والوضعية برلمانات ومجالس شيوخ ومجالس نواب؛ من أجل هذه الرقابة، إضافة إلى السلطة الشوروية أو التشريعية أو الرقابية إلى غير ذلك، كما يسمونه في القوانين الوضعية.
أما أمة الإيمان والإسلام والتوحيد، فعندها العلماء، الذين أمرهم الله تبارك وتعالى، فقال:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:١٨٧]، وإن كان بعض العوام أو بعض الناس من المقصرين، لا يريد بيان ذنوبه وعيوبه.
التي يجب عليه أن يتركها، ولكن يجب على العلماء أن يبينوا الحق كما ذكر الله تبارك وتعالى فقال:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النحل:١٢٥] فواجب العلماء أن يقودوا الأمة -أيضاً- في أي موقف، وأعظم المواقف هي مواقف الجهاد، فقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقود المعارك بنفسه وهو نبي الله ورسوله وأكرم الخلق على الله، وكان صحابته من بعده كذلك.
ومن المعلوم أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقسم أنه لولا أهل الأعذار لما تخلف عن سرية تخرج في سبيل الله قط، وكذلك أبو بكر وعمر لم يمنعهما من الخروج؛ إلا أن يكونوا فئة للمسلمين يتحيز إليها كل جيش يجابه من هنالك، وليمددوا المؤمنين، وقد أراد عمر -رضي الله عنه-، أن يخرج لقتال فارس، فقيل له: يا أمير المؤمنين! ابعث إليهم وابق هنا، فإن أصيبوا فأنت فئة لهم، ولكن إن أصبت ذهب الإسلام فكان رضي الله عنهم هذا شأنهم.
كذلك شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية شارك بنفسه في بيان ضلال التتار وكفرهم وخروجهم عن الشريعة، وشارك بنفسه في المعركة، فواجب العلماء عظيم، والحمد لله الذي منَّ علينا في هذه البلاد الطيبة الطاهرة بهؤلاء العلماء الذين هم على منهج السلف الصالح -ولله الحمد- دعوة، وعملاً، وعقيدة، وعلماً، وجهاداً، فهذا من فضل الله تبارك وتعالى علينا.
ولكن بقي واجبنا نحن طلبة العلم، ونحن عامة المسلمين، وهو أن نشد من أزرهم وأن يكون المسلمون جميعاً يداً واحدة وقيادة واحدة، وهدفاً واحداً وغاية واحدة، فلا مجال لمن يندس، ولا مجال للدخيل، ولا مجال لمن يبث الفرقة فيما بيننا، فالهدف للجميع واحد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} فالغاية هي هذه، والوسيلة واحدة وإن تنوعت وسائطها، فلنكن في الجهاد في سبيل الله ومقاومة أعداء الله صفاً واحداً، كأننا بنيان مرصوص، كما أمر الله تبارك وتعالى.