فقوله تعالى:{وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}[المائدة:٤٨] يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: 'أي: آراءهم التي اصطلحوا عليها وتركوا بسببها ما أنزل الله على رسله'.
وهذا تأكيد من الحافظ ابن كثير في أن مناط النهي وهو الكفر هو ما اصطلح عليه اليهود، فهي ليست مجرد أهواء، وإن كان الهوى منهيٌ عنه، لكن هذا هوى صحبه أنهم اصطلحوا وتعارفوا عليه واتفقوا وأحلوه محل حكم الله.
وقد وصفهم بأنهم جهلة وأنهم أشقياء، لا لأنهم لا يعلمون التوراة، ولا يفقهون أحكامها، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد وصفهم بأنهم أحبار، والحبر هو: العالم من علماء أهل الكتاب، فهؤلاء إذاً علماء، لكنه وضعهم لأنهم جهلة من جهة أخرى ستأتي في قوله تعالى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}[المائدة:٥٠] أي: أن من خالف شرع الله فهو جاهل مهما كان عالماً لا سيما مثل هذه الحالة؛ لأنه خالفه عن عمد وقصد، ويكفيه جهالة أنه لم يوقر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولو كان عالماً بالله ومعظماً وموقراً له ومعظماً لحرماته ولكتابه ما خالف شرع الله وأحل محله هوىً أو شهوةً أو شرعاً آخر.