إنما أردت من هذا التذكير والتنبيه لإخواني ولنفسي بأن نحفظ قلوبنا وأسماعنا وأبصارنا وألسنتنا عما حرم الله تبارك وتعالى، ولا سيما إذا كان مؤدياً إلى الفتنة بين المسلمين وإلى الفرقة بين المؤمنين فإن هذا يتأكد ويتعين.
والذي حرم الغيبة والنميمة والحسد والغش وحرم وقوع الظن لأي مسلم كائناً من كان، فإنه في حق أوليائه وعباده الصالحين والدعاة إليه لا شك أنه يحرمه أشد ولا يرضى به تبارك وتعالى، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلنا وإياكم ممن يريدون وجهه تعالى، وممن يتبعون الحق على بصيرة، ولا يريدون إلا الكتاب والسنة، وإذا سمعوا القول اتبعوا أحسنه، ولا يتعصبون لرأي ولا لقوم، ولا يزكون أنفسهم بما ليس فيهم.
فإن من أعظم الأدواء أن يزكي الإنسان نفسه، والله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يقول:{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:٣٢] ويقول: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٩] لا تظن أنك تزكي نفسك بأن تقول: أنا من أهل الحق، والصواب، وأنا من أهل السنة، ومن أتباع السلف، وحملة الدعوة، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}[النساء:١٢٣] لا تنظر إلى هذا وانظر إلى الحق، وإلى عملك في ذاته، لو أن المسألة ألقاب وأسماء وتزكيات يجعلها الإنسان لنفسه أو يصفه بها من يحبه لكان الأمر هيناً لكل أحد {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}[النساء:١٢٣] هذا ما شرعه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- محذراً إيانا من مثل هذا.
فأسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلني وإياكم ممن يحفظ الله فيحفظه الله تبارك وتعالى، بأن يحفظ جوارحه عما حرم، فإذا حفظنا جوارحنا جميعاً عما حرم الله وأقمناها واستخدمناها في طاعة الله، حفظها الله عز وجل ونالنا ما ذكر في حديث الولي:{كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولأن سألني لأعطينه، ولأن استعاذني لأعيذنه} فهو لما حفظ الله بجوارحه كان جزاؤه بهذه الدرجة وبهذه المنزلة، فيسدد الله تبارك وتعالى كلماته وخطواته وأعماله ويوفقه، وهو غير مبال ولا يدري أحياناً.
وكثير من أمور الدعوة -والحمد لله- ليست عميقة الخطة، أو أن وراءها عقول مدبرة، وإنما هي أعمال عملها بعض أهل الخير واجتهدوا بها، ففتح الله تعالى عليهم أبواباً عظيمة من أبواب الخير، نتيجة أن هناك قدراً من ولاية الله لمن قاموا بهذا العمل في الجملة، لا نفكر الآن بأفراد معينين، لكن أقول في الجملة -والحمد لله- أن خيار خلق الله هم الأئمة الذين يدعون إليه، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في جملتهم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
وبالمناسبة يشكو الإخوة من ضعف في التعاون والتجاوب مع أنشطة الأحياء، وفي فترة ما يسمونه عطلة الربيع، وتزدحم مدينة جدة، ازدحاماً شديداً بالناس وبالمنكرات والملهيات، فالواجب علينا أن يكون كل منا جندياً لله مستعملاً في طاعة الله، يعين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنتعاون على ذلك.