خورتشوف مرحلته تميزت بما يسمى بالتعايش السلمي، وقد كان معاصراً لـ جون كنيدي الرئيس الأمريكي القوي، وهو الذي حدثت في أيامه أزمة صواريخ كوبا وغيرها، وانتشر السلاح النووي في العالم، وكادت أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.
فاضطر الاتحاد السوفيتي أمام ضغوط كثيرة، إلى إعلان ما يسمى بالتعايش السلمي والتآلف بين الشعوب، وكانت مرحلة الحرب الباردة التي استمرت، ولكن اتفق الطرفان على أن لا يبدأ أحدهما الآخر بهجوم.
وكان الهدف الشيوعي في هذه المرحلة يتلخص في: تنشيط الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، وفي العالم الإسلامي، وفي العالم الثالث- لتقوم الثورات تلقائياً من داخل هذه الشعوب.
وتسيطر الأحزاب الشيوعية، وحينئذٍ تسيطر الشيوعية على العالم.
وبذل الاتحاد السوفيتي لـ خورتشوف جهوداً كبرى مضنية، لنشر الشيوعية ومساعدات كبرى ضخمة للأحزاب الشيوعية التي لم يبق بلد في العالم إلا وأنشئت فيه، حتى الدول الغربية التي هي أشد حرباً للفكر الشيوعي (كـ أمريكا مثلاً).
وجدت الأحزاب الشيوعية، واستطاعوا أن يقيموا حتى في العالم الإسلامي دولاً شيوعية ومن بعضها قامت ثورات شيوعية ولكنها فشلت، كما حدث في السودان، وكما حدث في إندونيسيا فتحكم عدة أيام ثم تنتهي، وأما الأحزاب كأحزاب فبقيت منتشرة وموجودة في الدول كلها، وعن طريق دول عدم الانحياز وغيرها استطاعوا إيجاد مجالات أوسع للتغلغل الفكري والثقافي لنشر الشيوعية في العالم.
ولكن الذي حصل أنه عندما ذهب خورتشوف وجاء دور برجنيف وكان هو الرجل البارز في هذه المرحلة، رأى أن الأمر لم يؤد دوره المطلوب، وأن الوضع قد تفاقم داخلياً وخارجياً، وأن الشيوعية كادت بالفعل بل فشلت فشلاً ذريعاً بأن تسيطر على العالم، وبدا هذا لديهم في مرحلة برجنيف.
وقد كان الأمل معلقاً في الحقيقة على الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، ومدى ما تصل إليه من نجاح، وعلى التغيير الداخلي، إذ الانهيار الذي حصل في الاتحاد السوفيتي كان فضيعاًَ جداً في المجال الزراعي، وفي المجال الصناعي تفوق الغرب تفوقاً بعيد المدى.
استيقظ العالم في أكثر من منطقة وبدأ ينافس الشرق والغرب، ظهرت اليابان، وظهرت كوريا، ثم بدأت تظهر بعض الدول التي بدأت تنافس، فكان هناك خطر محدق بوجود الاتحاد السوفيتي كقوة عالمية عظمى، وكان لا بد من إعادة الحساب مرة أخرى.