إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أيها الإخوة الكرام: أحمد الله تبارك وتعالى أولاً وهو أهل الحمد والثناء، وأشكره عز وجل وهو لذلك أهل، ثم أشكركم على أن أتحتم لنا هذه الفرصة لنذكر الله تبارك وتعالى، ونتذاكر فيما ينفعنا ويُقربنا إلى مرضاته عز وجل.
وما هذا بغريب عليكم، فهذه البلاد -ولله الحمد- مصدر ومهد للخير والإيمان، خرج منها صحابة كرام، وفاتحون، وعلماء عظام، وما تزال -بإذن الله تبارك وتعالى- منبعاً للخير ومصدراً للهدى، وما يدرينا فلعل في آخر هذه الأمة من يكون كأولها بإذن الله تبارك وتعالى، وما هذا الشباب الذي بدأ يُقبل على حفظ القرآن وتجويده وتلاوته آناء الليل وآناء النهار، وما هؤلاء الذين أخذوا يتخرجون من الجامعات وينشرون الدعوة في هذه المنطقة إلا بواكير الخير وبداياته.
فهذا هو الخير الذي نرجوه، ونحن إن جئنا من بعيد فإنما نأتي لنشارك في الخير والأجر، وإلا ففي هذه البلاد -ولله الحمد- من لديه من العلم والخير والدعوة والجهد الشيء الكثير الذي يفوق ما عندنا، ولكن المحبة في الله توجب التزاور والتذاكر، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين.
تعلمون أن الله تبارك وتعالى قال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر:١٥]، وكما قال تبارك وتعالى في الحديث القدسي:{يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً.
يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً} فهو عز وجل كما قال -أيضاً- في نفس الحديث:{إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني}.
فلا نستطيع أن ننفعه أو أن نضره، بل هو غني عن عبادتنا وطاعتنا مهما أطعناه، وكذلك لا تضره معصيتنا مهما عصيناه، فإن عصينا واستكبرنا وعاندنا وأبينا إلا أن نحيد عن أمر الله، فالخسارة والضرر علينا في الدنيا والآخرة، وإن آمنا بالله واتقيناه وأطعناه في كل أمر واجتنبنا ما نهى عنه فالخير لنا في الدنيا والآخرة.