والنوع الثاني من أنواع المعترضين -وهو واقع في الناس اليوم- هم: القدرية الإبليسية -نسبة إلى إبليس- الذي حكى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قوله:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر:٣٩] فإبليس أبى أن يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين، فكتب الله عليه اللعنة إلى يوم الدين، وأخرجه وطرده من رحمته، وعندئذٍ اتخذ هذا الموقف من آدم وذريته -موقف العداوة والإضلال والإغراء- إلى أن تقوم الساعة؛ فأراد إبليس أن يحتج على فعله هذا، فلم يقل: فبعصياني وبكفري وبإلحادي وباستكباري سأغويهم، بل قال:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر:٣٩].
فإبليس يقول: ما دام أنك يا رب أغويتني؛ فسوف أستمر في إغواء بني آدم.
وهذا النوع واقع في حياة الناس اليوم، فـ القدرية تقول لأحدهم صلِّ، فيقول: لم يرد الله ولم يكتب لي أن أصلي -فيستمر في ترك الصلاة- ولو شاء الله ذلك لصليت؛ لكن لم يكتب الله ذلك لي؛ فلن أصلي.
فهو يستمر في الغواية ويستمر في المعصية، ويقول: إن الله ما شاء وهو الذي عصى، ولو شاء هذا الإنسان لقام وتوضأ وصلى؛ لكن الشيطان ألقى الشبهة الإبليسية هذه في أتباعه من شياطين الإنس، ومن المتبعين له الذين وقعوا في حبائله فأصبحوا يحتجون بهذه الشبهة: ما دام أن الله أغواني وما هداني فسأستمر، وما دمت قد أغويتني فسوف أستمر في إغواء الناس، فالشبهة المشركية -أو الشبهة الشركية- والشبهة الإبليسية واقعتان في الناس اليوم.