هل الدعوة والتبليغ هي نفسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعنى "هل هما أمران متلازمان لا يفترقان" أم أن هناك فرق بينهما؟
الجواب
هما متلازمان، أو نقول: بينهما عموم وخصوص، فالدعوة إلى الله، كما قال الله:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}[يوسف:١٠٨] فكل عمل عمله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعوة إلى الله، فإن أمر بالمعروف فقد دعا إلى الله، وإن نهى عن المنكر فقد دعا إلى الله، وإن جاهد فقد دعا إلى الله، وإن علم الناس العلم فقد دعا إلى الله، وهكذا كل ذلك دعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سهم عظيمٌ من سهام الإسلام، وهو شعار هذه الأمة كما قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠] فأية دعوة لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، فقد أخرجت نفسها عن الخيرية التي جعلها الله في هذه الأمة واختصها بها، ولهذا قال تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة:٧٨ - ٧٩] فلما لم يتناهوا عن المنكر لعنوا، وهذا الأمة لما كانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كانت خير أمة أخرجت للناس.
فلا بد في الدعوة إلى الله من ذلك، فالمنكر الأكبر هو الشرك، والأنبياء جميعاً إنما جاءوا يدعون إلى التوحيد، ونبذ الشرك، فالمعروف الأكبر هو: التوحيد، والمنكر الأكبر هو: الشرك؛ فالذي يدعو إلى الله، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ ثم بعد ذلك تأتى الكبائر من زنا وربا وتبرج وفواحش، ما ظهر منها وما بطن، والفواحش الباطنة مثل: الغفلة والقسوة وعدم الإيمان الصادق بالله والغش للمسلمين والحقد عليهم والأعمال القلبية الباطنية التي هي من الكبائر كالحسد والشح، فكل هذه الأعمال القلبية من الكبائر وإن كانت قلبية؛ ولكن لا بد أن يظهر أثرها على صاحبها عافنا الله وإياكم منها.