أما الدستور السوري الذي صدر عام (١٩٧٣م) وحصلت بسببه مشكلات كثيرة جداً واكتفى في أن يرضي الناس بقوله: {{إن رئيس الدولة يجب أن يكون مسلماً}} إسكاتاً وإرضاءً للناس لمطالب بعض من الناس والشعب والدعاة لتحكيم الشريعة، فالكثير في هذه الأمة يريدون حكم الله، فقالوا: نجعل رئيس الدولة مسلماً! وهذه الأمة مصائبها مركبة فليست مصيبة واحدة، لأن هذا الرئيس المسلم الذي أرضوا الناس به هو باطني نصيري، والنصيرية مرتدون كفرة لا يعدون من المسلمين لا في قليل ولا في كثير، ولكنهم أرضوا وأسكتوا الناس حيث جعلوا مادةً تقول: إنه مسلم، ثم لو فرضنا أنه من أهل السنة وأبوه وأمه ينتسبون كابراً عن كابر إلى أهل السنة وإلى آل البيت، أو إلى آل أبي بكر أو إلى آل عمر، وكلهم على السنة والجماعة، ولكنه التزم هذه التشريعات والقوانين، فهل يكون مسلماً؟ فالمصيبة مركبة من جهة الأصل، حيث إنه باطني خبيث، ومن جهة الحكم بغير ما أنزل الله والتشريع والتحليل.
ومع ذلك فالمادة (١١٠) أعطته أيضاً حق اقتراح القوانين، والمادة (٩٨) أعطته حق إصدار القوانين والاعتراض عليها، فالمقصود أن الحكم عندهم لهذا الرجل! نسأل الله العفو والعافية.
وكذلك الدستور المؤقت للجمهورية الليبية بعد ما قامت الثورة المجنونة، وقالوا: نغير بعض الأشياء، فضحكوا على بعض العلماء، وجاءوا بالشيخ محمد أبو زهرة، وجاءوا بغيره من المشايخ، وقالوا: نجعل للدولة دستوراً مؤقتاً، ثم بعد ذلك يكون هذا خطوة لتطبيق الإسلام، وأعلنوا أن النظرية الثالثة التي وضعها هذا العبقري الملهم في كتابه الكتاب الأخضر التي تقول: لا شرقية ولا غربية، لا النظام الرأسمالي ولا النظام الشيوعي، وهذه نظرية جديدة تقوم على الإسلام وهو مرتَكز لها، لكنها نظرية جديدة مطورة، فهي عندهم أعلى حتى من الإسلام ومن الاشتراكية ومن كل شيء، وإنما الإسلام مرتكز لها، فوضع دستوراً ووسموه بأنه دستور مؤقت حتى تتفتق العبقريات ويأتي الوحي في النهاية، وصار الأمر إلى كفر أشد من هذا.
فيقول هذا الدستور المؤقت في المادة (٢٠): {{إن مجلس الوزراء يدرس ويعد مشروعات القوانين}} فهو قد أعطى الحق للسلطة التنفيذية، وأخذ حق السلطة التشريعية وأعطاها للسلطة التنفيذية، وهذا موجود في كثير من الدول العربية، والمادة (١٨) تقول: {{إن مجلس الثورة هو الذي يوافق على التشريعات ويصدرها}} فحق التشريع لم يعط لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولم يرجعوا إلى حكم الله وإنما إلى مجلس الثورة، فإن أقر مجلس الثورة شيئاً مما أنزل الله عملوا به؛ لأن مجلس الثورة أقره، وإن لم يقر شيئاً مما أنزل الله وخالفه ولو كان صحيحاً صريحاً في القرآن أو صريحاً قطعي الدلالة في السنة، فإنه لا يعمل به؛ لأن مجلس الثورة الذي يملك حق التشريع أو الاعتراض عليه لم يوافق عليه.
وكذلك دستور المملكة المغربية الصادر سنة (١٩٧٢م) حوالي سنة (١٣٩٢) هـ في الفصل رقم (٢٦) يقول: {{للملك حق إصدار القوانين والتشريعات}} فالمرجع والحكم عندهم هو شخص هذا الحاكم، ثم قال في الفصل (٦٦، ٨٧) من الدستور المغربي: يعطى للملك ثلاثة حقوق وهي: الحق الأول: أن يصدر التشريعات.
والحق الثاني: إعادة النظر في التشريعات، الذي يسمونه قراءة القانون من جديد.
والحق الثالث: طرح القانون للاستفتاء الشعبي وأخذ الموافقة عليه، فيقوم باستفتاء الشعب كما هو الآن في بعض الدول، فيقولون: إن الشعب يريد الدستور، ولأن الشعب قد اختار الدستور فإنه يحكم بين الناس بغير ما أنزل الله -نسأل الله العفو والعافية- فالحاكم له حق في إصدار التشريعات الجديدة وأن يغير ما يشاء، وله حق أيضاً في طرح ذلك للاستفتاء الشعبي.