لقد ذكرت أن الشباب إذا اهتموا بقضيتهم فإنهم يُنتجون، فما هي قضيتنا حتى ننتج؟
الجواب
قضيتنا هي توحيد الله وعبادة الله، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وإقامة هذا الدين في الأرض، والاهتمام بأمر المسلمين؛ لأن {من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم}، فهم {كالجسد الواحد} كما ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه قضية المؤمن؛ بل قضية كل إنسان يريد أن يسعى إلى رضى الله، وأن يقدم مرضاة الله على هوى النفس وعلى حظها، وأن يقدم في الدنيا ما يقربه في الدار الآخرة، ويرفعه الله أو يقدمه في هذه الحياة الدنيا؛ وأن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، وأن يوالي في الله، ويعادي في الله.
فهذه قضية أو جوانب من القضية الرئيسية الكبرى؛ ثم تندرج تحتها الواجبات مما فرض الله تعالى علينا القيام به جميعاً، من صلاة وزكاة وصيام وحج وجهاد وكل ما شرع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلو لم يكن عند المسلمين إلا سنةً من سنن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهملت أو أميتت أو تركها الناس؛ فإنه يجب علينا أن نحييها، فكيف إذا أُهمل التوحيد؟! وكيف إذا أهملت أركان الإسلام؟! إذاً يجب أن نجاهد لكي نحيي ما أمات الناس، ونصلح ما أفسد الناس، لتكون فينا صفة الغرباء الذين أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حالهم وبينه، فهي قضية واحدة، وتستطيع أن تجعلها قضايا كثيرة بحسب التخصص والتأهل، فقضية العلماء غير قضية العامة، وقضية المتخصص في جانب معين غير قضية من يتقن جانباً آخر، قضية التاجر المسلم -صاحب المال- غير قضية صاحب العلم، فصاحب العلم يؤلف، ويدحض الشبهات، ويبين البدع، ويكشف الضلالات، ويقيم الحجة؛ أما التاجر المسلم فقضيته أن ينفق وأن يعطي، ويمد الجمعيات الإسلامية التي على الكتاب والسنة ومنهج السلف، وأن يبني المدارس والمساجد وهكذا.
فكلٌ منا له قضية بحسب موقعه الذي أعطاه الله، فقضية المدير في إدراته أو الوزير في وزارته أو الحاكم في دولته هي إقامة دين الله، وإقامة حدود الله -إقامة فرائض الله بحسب ولايته التي أعطاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وكذلك قضية الزوجة في بيتها: أن تحفظ نفسها وتطيع ربها وتطيع زوجها وتربي أبنائها؛ وكل هذا قد جعله الله تعالى على التفصيل أيضاً، فكل منا له قضيته، لكن في الجملة قضية الأمة قضية واحدة، وهي توحيد الله تعالى، وكذلك القضايا الأساسية الأخرى المتفرعة عنه.