وهذا البيان ما كنت أريد أن أتحدث عنه، ولا أن أبينه بنفسي لما في ذلك من دفاع عن النفس، وإنني -كما تعلمون والحمد لله- لم أكن في أي يوم من الأيام لأجعل من نفسي أو شخصي قضية لأحد؛ لأن أمر الدعوة أهم، نحن نجعل أنفسنا ودماءنا وأرواحنا وأموالنا وأعراضنا فداءً لدين الله، ونسخرها لخدمة كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن نحتسب كل ما يصيبنا من أذىً في سبيل الله، ونعلم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد قال:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً}[الفرقان:٣١].
فلا بد من العداوات والأذى والحسد، ولا بد أن يقع الدعاة فيما وقع فيه الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأقوامهم من قبل، وهذا أمر نعلمه، فمنذ أن بدأنا طريق الدعوة، ونحن موقنون به، وكل ما يقع لا نجد فيه جديداً أبداً.
لكن الموجب لهذا الإيضاح الموجز هو سوء الفهم والتفسير والتدليس الذي حصل نتيجة هذا البيان الذي أراد به سماحته أن يكون كالماء يطفئ النار -وهو كذلك والحمد لله- فإن كلَّ طُلاَّب العلم قد عرفوا ما يريد ويقصد الشيخ، وقد أطفأ الفتنة والحمد لله، وأظهر الحق وأبانه، ودافع عن المظلومين والمهضومين، ونصح المعتدين والباغين، بأجلى وأوضح بيان وعبارة، وإن كان قد ترك الأسماء فلمصلحة ولحكمة.