للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم قول المدعو: التقوى هاهنا]

السؤال

كيف أفعل إذا أردت أن أدعو؟ فبعض الناس يقول: التقوى في القلب، التقوى هاهنا؟

الجواب

صحيح أن التقوى في القلب، وهذا ما قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما في الحديث الصحيح: {وأشار إلى صدره ثلاثاً} ولكن ما معنى ذلك؟ كثيراً ما انعكست المفاهيم في حياة الأمة؛ حتى أصبحوا يضعون الشيء في غير موضعه.

ففي الحديث ينبهنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عدم الاكتفاء بالموافقة الظاهرة، وأنه لا بد من الخشوع الباطن، ولا بد من الانقياد الباطن؛ فأصل كل انقياد وإذعان وإنابة وإخبات ويقين وتوكل وصبر هو القلب؛ لأنه الذي يرشدنا إلى ذلك، وأما نحن فنعكس ذلك ونجعل ظاهرنا فاسداً؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول التقوى في القلب، وهذا عكس ما أمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو من التلاعب ومن التحريف.

وقد يدخل فيما أخبر عن اليهود بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه؛ بل أمرنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصلح ظاهرنا وباطننا، وأن نهتم بالباطن؛ فقد يقف الإنسان في الصلاة وقفة الخاشع المنيب والقلب لا خشوع فيه؛ فيقال له: إنما الخشوع خشوع القلب.

لكن كإنسان معرض لا يريد أن يصلي أو أن يعبد الله، ويقول: التقوى هاهنا ويذهب فنقول له: أين أثرها؟ وأين حقيقتها؟ نعم! التقوى هاهنا! ولهذا نقول لك: أنر قلبك بذكر الله، ولو اتقيت الله في قلبك ولان وخشع لذكر الله؛ لجعل الجوارح تنقاد، وتأتي بك إلى بيت الله، وتأتي بك إلى حيث أمر الله، وتبعدك عن كل ما نهى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذه هي الحقيقة التي لا بد أن نعرفها.