اقتصرتم في ذكر أعمال القلوب عند أهل السنة والجماعة فهل من إشارة إلى هذه الأعمال عند بعض الفرق وإزالة شبههم التي قد غيرت أفكار كثير من الناس؟
الجواب
المحبة عند الصوفية أو الزنادقة -وهكذا سماهم السلف لأن كل من ادعى المحبة من غير تعبد واتباع للسنة فهو يسمى ويعدُّ زنديقاً- لها معنى آخر، فهناك منهجين مخالفين لـ أهل السنة والجماعة هما: أهل الكلام وأهل التصوف وكلاهما غلط وضل في حقيقة المحبة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فأما أهل الكلام فهم ينكرون أن الله تعالى يُحِب أو يُحَب، وهذا ضلال عظيم -والعياذ بالله- فهم غلاظ القلوب والأكباد، فكيف نتخيل أن يعبدوا الله وهم يعتقدون أنه لا يُحِب ولا يُحَب، وهم لا يحبون الله، وهذا من ضلالهم.
أما ضلال الصوفية وهو الأشهر والأظهر، أنهم لم ينكروا المحبة بل صرفوها وصرفوا الأمة معهم عن حقيقتها، فأصبحت المحبة عندهم بالنسبة لله تبارك وتعالى هي أناشيد، فتراهم يأتون بشعر قيس مجنون ليلى.
أو أي شعر في الديار أو في الأوطان أو في الغربة أو في غيرها، وينشدون ويغنون ويقولون: نحن نعني بذلك محبوبنا وهو الله، وليلى ليست هي المقصودة وإنما المقصود هنا هو ذات الله، تعالى الله وتبارك عن ذلك علواً كبيراً.
فأصبحت جلساتهم وحضراتهم كلها من ذلك الغناء، ومن هذه الأناشيد, ومن هذا اللهو, واستحلوا تبعاً لذلك الرقص، والدف، وأنواع المزامير، فأصبحت جلساتهم هي جلسة غناء لا أكثر ولا أقل، إلا أنه غناء -كما يزعمون- للدين، وذاك غناء أهل الطرب للطرب، لكن الباعث والمحرك واحد وهو حظ النفس، نسأل الله العفو والعافية.
وضلوا عن محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فزعموا أن من محبته أن تتحدث عنه عن مولده، وكيف كان، والعجائب في ذلك ضعيفها أو موضوعها أو صحيحها، ثم لا يذكر جهاده، ودعوته، وما دعا إليه، وإنما كله يتعلق بشخصه وببدنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فبعد أن يتحدثوا عن مولده ويعدون ذلك حباً، بل يسمونه أحياناً عشقاً -والعياذ بالله- ويتكلمون في ذلك ما ثبت عنه أيضاً وما لم يثبت، عن لونه، وشعره، وعينيه، صلوات الله وسلامه عليه، ويقتصرون على هذا الجانب ويخلطون الصحيح بالضعيف والموضوع.
فهذه محبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندهم، أما المؤمنون أهل السنة والجماعة فمحبتهم كما ألمحنا آنفاً.