[كيف نواجه أزمة الخليج]
إذاً: نقول -يا إخوان-: ما يحتاج أن نذكركم ونكثرمنه وهي نصيحة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وللمسلمين خاصتهم وعامتهم، أوجهها من هذا المكان، نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن تبلغ إلى كل من ينفعه الله بها: إن الحرب أولاً هي مع أنفسنا، والصلح أولاً هو مع الله، لابد أن نحارب هذه النفوس وهذه الشهوات، هذه النفس الأمَّارة بالسوء، ونصطلح مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونتوب إلى الله، ونعيد لأهل الدعوة قيمتهم واعتبارهم، نعيد لرجال الهيئات قيمتهم واعتبارهم، ونعيد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قيمته، ونعيد لكل أمر من أمور ديننا من الحق والخير والفضيلة قيمتها واعتبارها، ونكف عن كل المعاصي، وغيروا وانظروا ماذا سيكون؟! والله ليغيرن الله هذا الحال، وليكونن لنا نصرٌ عظيم جداً نفتخر به مدى الأزمان، ونظل نقول: الحمد لله الذي جاءنا بهذه المشكلة، غَيَّرْنا فَغَيَّرَ الله أحوالنا، وغير حال العالم وجعلنا هداة مهتدين، ثم نفرح إذا تحولت إلى نعمة عظيمة جداً.
أما إن بقينا على حالنا، وتعلقنا بالأسباب المادية، ونظرنا إلى الأمور بنظرة مادية، ونسينا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، واستمر صاحب الغناء في غنائه، وصاحب المنكر في منكره، ومحلات السياحة تسيح، ومشاغل الخياطة تعمل في فسادها وفي تعريها، ولا مُنْكِرَ، وتارك الصلاة تارك لها ومستمر، وتحويل تسجيلات غناء إلى تسجيلات إسلامية أيضاً ممنوع، وما غيرنا من ذلك شيئاً، ومن أراد أن يتوب أيضاً لا يجد من يشجعه، فإذا بقينا كذلك، فالعذاب قائم، ونعوذ بالله أن يأخذنا! وكل ما في الأمر أن نقول ونسأل الله ونتضرع إليه كما أمر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وإذا وقعت العقوبة والفتنة فنسأله أن يتوفانا إليه غير مفتونين، وإلا فلن نسلم! ولذلك أقول: لابد أن نتوب، ونلقى الله ونحن على التوبة، ونحن على إيمان، ونحن قد أعذرنا إلى الله.
واجبكم -يا إخواني- عظيم وكبير ولا يستهان به، لا تقل: ماذا أفعل؟! أنت تتكلم، وهذا يخطب، وهذا يعظ في مجالس الناس، أو في أي مكان يذكرهم بالله، يذكرهم بأن المؤن التي نقصتنا هي مؤن الإيمان والتقوى، فلا نتكالب على الرز وعلى البضائع وعلى ماله علاقةٌ بالمأكل والملبس، فلو آمنا بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما شحت المؤن كما ذكر تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف:٩٦].
لكن لما عارضنا وعصينا، حصل لنا النقص، نقص في الوظائف، وفي العملة، وفي الأرزاق، وهذا بذنوبنا، فنعلم الناس هذا في كل مجلس ونذكرهم، والآن لا يوجد أحد إلا وهو يتكلم في القضية؛ الصغار والكبار، لماذا لا نذكرهم، ونعظهم، ونعظ أنفسنا قبلهم؟ ونقول كلمة الحق، الكلمة التي سيحاسبنا الله عليها، يجب أن نقولها وهي خير لنا وخير للأمة، وخير والله لكل من يسمعها، ونحن نعلم -إن شاء الله- أننا لا نقولها ونريد أجراً عليها، ولا نقولها لنبتغي بها دنيا من الناس أو نريد منهم شيئاً.
لكن ما نقولها إلا خالصة لوجه الله، ونصيحة كما أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ليتذكر من تذكر، وليتعظ من يتعظ، فإن أبوا قلنا: معذرة إلى الله؛ فنكون نحن أعذرنا أمام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فهل ترون أنفسكم معذورين أمام الله؟ كل منا يسأل نفسه وإذا كان واحد معذوراً أمام الله فجزاه الله خيراً.
أما أنا فأقول: لا أحد منكم معذور، حق علينا ألا ننام هذه الأيام، وألا نهنأ بأكل ولا شرب، ليس والله لأننا نخاف من الموت أو لأن هؤلاء سينتصرون، لا والله، لكن لأن الله سيسألنا عن العلم الذي لم ننشره، وعن الدليل الذي لم نبلغه، وعن الحق الذي لم نصرح به، ولم نقل إلا بعضه، وربما لم نقل شيئاً منه؛ ولو تحرك العلماء والقضاة والمسئولون كلٌ بحسب مسئوليته، وأخبرونا جميعاً من فم واحد بوجوب التضرع والتوبة والإنابة والاستغفار، وأن هذا هو سبب البلاء كما ذكر الله في القرآن؛ والله لتغيرت أحوالنا، ونعذر إلى الله فعلاً.
فالمسألة ليست مجرد كتابات، يكتب هؤلاء ويكتب هؤلاء، وليست هي مجرد حرب مادية أيضاً، فيقلق هؤلاء ويقلق هؤلاء، هذه حرب طويلة الأمد.
أقول إن القضية ليست قضية مؤقتة، ولا نهايتها قريبة كما يظن البعض، وإن كنت لا أتوقع أنا ضربة قريبة -والله أعلم- لكن أرجح أنه لن تكون هناك ضربة قريبة لا من هذا ولا من هذا، وإنما سيكون الحصار والإنهاك، وهذا يعزز مواقعه، وهذا يعزز مواقعه، البعثيون يحكمون قبضتهم على الكويت، والغربيون يحكمون قبضتهم على الرقعة بأكملها، ثم بعد ذلك سوف يأتي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالفرج من عنده.
ولن ينبع الأمل ولن ينبع الفرج إلا من هذا الشباب الطيب المؤمن، إن اتقى الله وعرف واجبه في هذه الأحداث، وبدأ بالمرحلة الأساسية الأولى، ثم انتقل إلى المرحلة الثانية ثم الثالثة حتى لو لم يكن إلا بعد مائة سنة أو مائتي سنة -الله أعلم- لكن المهم: لا بد من يوم ما يتواجه فيه المؤمنون مع هؤلاء الكافرين، لابد! وفي ظل الظروف الآنية نحن نحتاج الموضوع الأول والقاعدة الأولى فقط؛ لأن عليها يبنى كل شيء، وتجاوزها إلى أي شيء آخر خطأ وغلط، ولا يصح أن يقر بأي حال من الأحوال، ومن أراد الأدلة فهي أكثر من أن تحصى.