للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمر يأمر بالمعروف ينهى عن المنكر]

عندما تتفكر كيف كان عمر رضي الله عنه يذهب في الليل ليسمع، ويرى، ويتفقد، وإذا امرأة تقول: "كيف السبيل إلى خمر فأشربها" تغزلت في رجل بشعر وهي نائمة، ولا تظن أن أحداً يسمعها فتقول:

ألا سبيل إلى خمر فأشربها أو كيف السبيل إلى نصر بن حجاج

فسمع عمر رضي الله تعالى عنه هذا الكلام، وفي اليوم الثاني سأل عمر: من نصر بن حجاج؟ قيل: هو رجل فيه جمال وتُعجَب به من ضُعْف إيمانها, فأمر بأن ينفى من المدينة إلى الكوفة.

سبحان الله! وأما اليوم فما يعرض في وسائل الإعلام من مثيرات الشهوات أضعاف أضعاف هذا الشعر! وذاك في عصر الإيمان والنور، ونحن في القرن الخامس عشر.

فهكذا كانوا هم أعظم القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بل كانوا يبدءون بأنفسهم.

دخل عمر رضي الله تعالى عنه يوماً إلى سوق الإبل يتفقد ويستطلع أحوال الناس، إن رأى ضعيفاً أو عاجزاً أعطاه، وإن رأى محروماً أعطاه، وإن رأى منكراً غيَّره، فما رأى منكراً -والحمد لله- فبلد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهله الصحابة ليس فيهم منكر؛ لكن لفت نظره ذلك اليوم أن إبلاً أسمن من غيرها، ففكر! كيف ذلك وكل الإبل ترعى سواء من المدينة؟! فسأل لمن هذه الإبل؟ قالوا: هذه لـ عبد الله بن عمر ثم جيء بـ عبد الله بن عمر وسأله عمر: [[لِمَ يا عبد الله بن عمر هذه الإبل أسمن من غيرها؟ قال: والله يا أمير المؤمنين إن هذه الإبل اشتريتها من مالي، ورعيتها مع المسلمين، واسترعيت لها رعاةً من المسلمين، وهأنذا أريد أن أبيعها فقال عمر: لا.

كان الناس يقولون: اسقِ إبل ابن أمير المؤمنين, أورد إبل ابن أمير المؤمنين؛ فلأنك ابن عمر شربت إبلك أكثر، ورعت أكثر، فكانت أسمن من غيرها، لا يا عبد الله: لك رأس مالك, والربح في بيت مال المسلمين قال: سمعاً وطاعةً يا أمير المؤمنين]].

فماذا يصنع عبد الله بن عمر أو غيره مع عمر رضي الله تعالى عنه؟! انظروا إلى الحساسية، وكيف بدأ بنفسه في إنكار المنكر، والتعاون على البر والتقوى، ولهذا نصرهم الله ووفقهم.