الحمد الله القائل:{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}[الأعراف:٩٤] والقائل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد القائل:{إن الله حيي رحيم كريم يستحيي أن يرفع العبد يده إليه ثم لا يضع فيها خيراً}، وصلى الله وسلم وبارك على صحبه الكرام، والتابعين لهم بإحسان، الذين تعرفوا إلى الله تبارك وتعالى في الرخاء، فتعرف الله إليهم في الشدة، الذين سنوا لنا كيف نتضرع إلى الله، ولا نغفل عنه، ولا ننسى ذكره في أي وقت وعلى أي حال.
أما بعد: فما منا أحد اليوم إلا وهو يسمع ويجالس ويرى ويستشعر في كل حين هذه الأحداث، التي تمر بأمة الإسلام في كل البلاد، وفي هذا البلد خاصة، الذي كان أهله يحسبون أنهم سيظلون في منأى عن الفتن والأحداث، حتى جاءتهم.
مع أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يجامل في سنته ولا يحابي أحداً، فله سنن ثابتة لا تتخلف، وقد ابتلانا قبل ذلك بالنعماء وبالسراء، ثم هاهي قد بدأت طلائع البأساء والضراء -ونسأل الله العفو العافية- وليست المشكلة في أن البلايا تقع، أو أن العذاب يقترب، أو أن الفتن والمحن تموج، فهذا تاريخنا الإسلامي حافل به.
ولكن المصيبة والمشكلة في غفلتنا عن أسباب الوقاية، وفي بعدنا عن الرجوع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والأخذ بموجب التقوى والإيمان، الذي يدفع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى به العذاب، ويكشف عنا به البلاء، والله عز وجل رحيم وكريم وهو الغني الحميد، ومن رحمته بهذه الأمة -وهو الذي أنزل إليها الكتاب رحمة وبعث إليها نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن بين لها كيف تتقي عذابه؟ وكيف تتجنب سخطه؟ وكيف تأخذ بأسباب النجاة في أمر ديننا ودنيانا؟