للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التحذير من كتب أهل البدع]

السؤال

بعض الناس يقولون لا تحذروا الناس من المبتدعين ومن كتب المبتدعة، وأن هذا ليس بأسلوب دعوة، فما قولكم في ذلك؟

الجواب

أما أسلوب الدعوة فقد جعل الله من أساسياته: تنزيه الله والبراءة من المشركين وكل الأنبياء ما أتوا إلى أممهم إلا ليقولوا: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩].

فالتحذير من كتب البدع والضلالة هو أوجب من التحذير من الزنا والربا وشرب الخمر والمخدرات وأمثالها من الجرائم؛ لأن المعاصي درجات، وأعظم المعاصي وأعلاها وأشدها هو الشرك والكفر بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ثم يلي ذلك الابتداع في الدين؛ ثم يلي ذلك الكبائر.

ولهذا فأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاتلوا الخوارج؛ بل هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أمر بقتالهم وأخبر عن ذلك؛ ففرح الصحابة -رضي الله عنهم- لما كان ذلك على أيديهم لما سمعوا من بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قال: {خير قتيل من قتلوه} وحين قال عنهم: {هم شر قتلى تحت أديم السماء} وغير ذلك مما وردت فيه أخبار الخوارج، وهي ثابتة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن الصحابة الكرام، ولم يقل الصحابة شيئاً من ذلك إلا عن علم من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه من أمر الغيب.

فالصحابة الكرام قاتلوا الخوارج لأنهم ابتدعوا في الدين، فكيف نتهاون مع أهل البدع ومع كتب البدع؟! والصحابة -رضي الله عنهم- توعدوا القدرية الذين ابتدعوا في القدر فقط، وهو جانب واحد من جوانب العقيدة، وليس هو جانب الشرك، بل إن البدعة في القدر قصد أصحابها هو المحافظة على التوحيد.

فأنكروا القدر حتى لا يحتج العصاة به، فيقولون: قدر الله، ويفعلون المعاصي.

فكان قصدهم زيادة تمسك الناس بالأمر والنهي، ومع ذلك يقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: [[لو أمكنني الله من أحدهم لدققت عنقه]] وكان قد كبر سنه وعمي، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- لما بلّغة بعض التابعين عن القدرية الذين ظهروا في البصرة، قال: [[أبلغوهم أنني منهم براء وأنهم مني براء]] فتبرأ منهم رحمه الله، ثم بيَّن أنه لا يقبل لهم عمل؛ ولو أنَّ أحدهم أنفق مثل أُحدٍ ذهباً لم يُقبل منه حتى يُؤمن بالقدر، ثم ذكر لهم حديث جبريل الذي رواه عن أبيه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فانظروا كيف وقف الصحابة الكرام من أهل البدع ومن أهل الضلال! وانظروا إلى تهاوننا معهم الذي أدَّى إلى أن تُباع كتب الدجالين وتوزع والله المستعان، وهذا من أسباب تفرق المسلمين، ومن أسباب تقهقرهم!! لأن المؤمنين وخاصة من الشباب المقبلين على الدين؛ لو لم يروا إلا طريقاً واحداً لاتبعوه.

فعندما يترك أحدهم المخدرات والخمر والزنا، ويحافظ على الصلاة؛ ويريد الهداية، فيجد طرقاً كثيرة؛ فإنه يحتار أيها يتبع؛ فقد يقع في أحد سبل الضلال، فيخرج إلى الشر؛ بل قد يكون قد خرج من كبائر وجرائم وفواحش، فيقع في البدع ثم في الشرك عياذاً بالله؛ فيكون حاله قبل أن يعرف هؤلاء القوم ويقرأ كتبهم أهون وأخف من حاله بعد ذلك.

نسأل الله أن يعافي هذه الأمة وأن يقيها شر هؤلاء المبتدعة.