الحملة الصليبية الثانية جمعت أكثر من خمسة ملوك من ملوك أوروبا، وهم ملوك ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، كما جمعت كثيراً جداً من الأمراء، ومن كبار رجال الدين، حملة عاتية واجهها نور الدين بماذا؟ كم كانت مملكته؟ كانت مملكة نور الدين جزءاً بسيطاً من شمال العراق وبلاد الشام، هذا كل ما كان يملكه نور الدين، ومع ذلك لما أن قام على هذه السيرة والسنة الحميدة نصره الله تبارك وتعالى نصراً مؤزراً؛ فما مات رحمه الله إلا وقد صار يملك كل بلاد الشام ومصر والحجاز وجزيرة العرب، وما بقي إلا الإمارات الصليبية، وأهمها إمارة القدس التي قدر الله أن يكون فتحها على يد قائده صلاح الدين؛ ولهذا يجب أن نقف عند سيرة هذا الرجل؛ لأنا عندما نتحدث عن نور الدين فنحن نتحدث عن الأمة مجتمعة، إذ كيف تحول من أمير لمقاطعة إلى أن يصبح سلطاناً كبيراً يهزم أوروبا كلها، لا بد من أخذ العبر من حياته ومن سيرته.